البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

هل سرق الغرب ثورة ليبيا؟

كاتب المقال حسن الطرابلسي ـ ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7296


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


سؤال مستفز ومحرج ولكنه أصبح مبررا بعد تعقد الوضع في ليبيا وما يعانيه شعبها البطل من عمليات أشبه بالإبادة وكذلك أمام "عجز" النيتو عن حسم الصراع!

ولكن لماذا يسرق الغرب ثورة الشعب الليبي البطل؟ وكيف يسرقها وهو الذي يساعد الثوار عندما عجز إخوانهم العرب عن فعل أي شيء؟ أم أن طرح هذا السؤال هو الوجه آخر للتفسير طبقا لنظرية المؤامرة؟

منذ اندلاع الثورة الليبية لاحظنا لدى بعض الساسة الغربيين على رأسهم الرئيس الفرنسي ساركوزي تحمسا إستعراضيا فظهر وكأنه الفارس النبيل الذي يمتطي صهوة جواده لينقذ الليبيين من قبضة التنين متعدد الرؤوس.

ويعزو الكثير من المراقبين حماسة الرئيس الفرنسي إلى عدة أسباب تتلخص في تلميع وجهه أمام شعبه وكمحاولة منه "للتكفير" عن خطأ ديبملوماسيته في تقديراتها للثورات العربية في مصر وخاصة في تونس حيث انحاز إلى الطرف الأسوأ، ورغم أنها أخطأت في البداية إلا أن فرنسا لا تستطيع أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام ثورات التحرر العربي لأنه ليس من مصلحة فرنسا الثورة أن تساند الدكتاتورية وهي التي تحمل تراثا كبيرا ساهم في تأسيس مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان.

وأما الولايات المتحدة فهي الأخرى بحاجة إلى تلميع صورتها بعد خيبتها المتوالية في العراق وفي افغانستان فهي فشلت في إرساء الديمقراطية في العراق وفشلت في القضاء على ما أطلقت عليه الإرهاب والقاعدة في افغانستان رغم نجاحها في قتل أسامة بن لادن وخلقها بذلك لمعادلة جديدة لم تتوضح بعد معالمها.
كما أن بريطانيا تجد نفسها في نفس الخندق مع فرنسا والولايات المتحدة بين تراث ثوري ومدني وضغط شعبي وسمعة سائت اثناء الحرب على العراق وتسعى إلى أنقاذ ما يمكن إنقاذه منها.

وقد يضاف إلى جملة هذه الأسباب العامل الذي نبه إليه رئيس الوزراء التركي وهو الطمع في الثروة النفطية الليبية والتي تسيل لعاب الكثيرين خاصة عند ضعف سلطة القذافي ودخول البلاد في حالة من الإنهيار الإقتصادي.

يضاف إلى ذلك أن الغرب يجد نفسه مضطرا إلى الوقوف إلى جانب الثائرين ويبرز للشارع العربي أنه داعم له حتى لا يفقد سوقا طالما استفاد منها من خلال حلفاء موالين لا يشترطون بحكم طبيعة الأنظمة الحاكمة حتى قيام الثورة التي لا يستطيع أن يقدر بالدقة المتناهية مسارها المستقبلي. وهذا ما يجعله، وفي هذا المستوى تشترك معه إسرائيل، لا يخفي قلقه من الثورات العربية لأنها من المرجح أن تأدي لبناء نظام عربي وإقليمي جديد، قد بدأت تلوح ملامحه من خلال المصالحة الفلسطينية الفلسطينية وبالتالي فإن الغرب وهو يتعاطى مع إشكالات الحاضر فإنه يأسس للمستقبل عكس الأنظمة العربية الشمولية التي تتصدى للحاضر بدموية وشراسة لتقضي على مستقبلها.

ورغم التردد الذي سيطر على الموقف الغربي عموما في البداية إلا أن هذا الموقف تغير خاصة بعد تأسيس المجلس الوطني الإنتقالي برآسة وزير العدل الليبي المستقيل عن القذافي والتحاق المستشار عبد الحفيظ غوقة كناطق رسمي وبمشاركة غيرهما من الشخصيات الليبية التي طمأنت الغرب وبددت بتواجدها الخطر الذي هدد به القذافي من سيطرة القاعدة على مجريات الأحداث في بنغازي وغيرها من المدن الثائرة.

ثم أعقب هذه الأحداث صدور قرار مجلس الأمن عدد 1973 القاضي بحماية المدنيين والمساندة القوية للموقف الفرنسي وفي الأخير تدخل قوات النيتو والولايات المتحدة في البداية عسكريا للحد من قوة القذافي العسكرية خاصة بعد الحصول على الضوء الأخضر من الجامعة العربية.

ولكن من المؤسف أن هذا التدخل لم ينجح لحد الآن في تدمير القوة العسكرية للقذافي خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية. وأدى هذا الفشل إلى سيطرة حالة من الكر والفر على ميدان المعركة مما أدى إلى إرسال خبراء عسكريين لمساعدة الثوار في التصدي لقوات القذافي وجعل البعض يلوح بالتدخل البري

وأمام تسارع الأحداث لاحظنا مزيدا من الإهتمام بالتحرك السياسي ودائما دون الحسم العسكري فقامت شخصيات مهمة بزيارات إلى ليبيا كان أهمّها لحد الآن زيارة السيناتور الأمريكي جون ماكين عن الجمهوريين يوم 22/04/11 إلى ليبيا وإعلان الرئيس الفرنسي عن إمكانية زيارة بنغازي في الأسابيع القادمة.

إن هذه التحركات الدبلوماسية تثير الكثير من التساؤلات وتذكرنا بالأسلوب الغربي المتعارف عليه في التعامل مع القضايا الإسلامية منذ القديم في البحث دائما عن تحقيق المصلحة قبل كل شيء ولو أدى الأمر إلى تهميش مصالح الطرف الواجب إنقاذه.فافغانستان مثلا، بقطع النظر عن الدواعي التي أدت إلى التدخل المباشر وعن مدى وجاهتها أو غير ذلك، إلا أن التدخل الغربي في أفغانستان الذي كان يراد به إعادة إعمارها إلا أنه أدى إلى المزيد من خرابها، ولذلك فإننا نجد اليوم أن التدخل الغربي في ليبيا صنع لحد الآن نوعا من "التوازن" الرهيب والمخيف بين تطلعات الشعب الليبي الأبي والباسل إلى التحرر وتمسك القذافي وأبناؤه وأنصاره بالسيطرة على ليبيا، بحيث لا نجد منتصرا.

مثل هذا المشهد وبعيدا عن نظرية المؤامرة يدفعنا إلى طرح التساؤل: هل تسير ليبيا على طريق أفغانستان؟ وأن المنتصر الوحيد في المعركة هو الغرب الذي سيتعامل مع دولة ضعيفة متناحرة يسعى كل طرف من أطرافها إلى كسب وده وبالتالي لا تنهب فقط ثورة الشعب الذي أراد التحرر بل أيضا ثروته النفطية وما حوته البلاد من ثروات كما كان الحال في بعض الأقطار الإفريقية وتصدق بالتالي نظرية سرقة الغرب لثورة ليبيا العظيمة!!

وتزداد حدة هذا الطرح خاصة أمام عجز تام للصوت العربي المنشغل أصلا في قضاياه الداخلية وما تتهدده من ثورات.

فهل ستؤول الأمور بثورة ليبيا إلى حرب طويلة الأمد لا نهاية لها ولا منتصر فيها وتتحول ليبيا إلى افغانستان جديدة؟ وتصدق بالتالي الفرضية القائلة بأن ثورة الشعب الليبي تمت سرقتها؟ ويصبح طرحنا ليس تفسيرا تآمريا للأحداث والتاريخ، فنحن لا نعتمد أصلا هذه النظرية في كتاباتنا، أم أن الأيام حبلى ستبدي لنا ما نجهل وأن الغرب يريد فقط حماية المدنيين ومساعدة الليبيين في بناء دولة ديمقراطية ومدنية؟

وفي هذا المستوى تحضرني حكمة للفيلسوف والرئيس البوسني السابق علي عزت بيكوفيتش يقول فيها: "الإختلافات الحقيقية بين الناس والمجتمعات والأنظمة السياسية ليست في الغايات، وإنما في الوسائل. ولذلك لا تسألوا كثيرا عن الغايات، لأن الغايات المعلنة ستكون دوما رفيعة وحسنة، اسألوا عن الوسائل، أو تأملوا بها، فهذا لا يخدع أبدا."


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ليبيا، الغرب، مؤامرة، القذافي، الثورة، ثورات شعبية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-05-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  عندما تتحول الفلسفة إلى حمار قصير يركبه المغامرون (*)
  عبد الحليم خفاجي: الداعية المحب للخير ولكل الناس
  لقاء تاريخي للجمعيات التونسية في ألمانيا
  تحديات النهضة والتنمية في دول الربيع العربي
  في الذكرى التاسعة لوفاته: "علي عزت" بيجوفيتش والربيع العربي
  وزير الخارجية التونسي ضيف برنامج "الصراحة راحة"
  الإســلام والمسلمــون في ألمانــيا: حصـــاد سنة 2011
  ملاحظات حول الحوار مع الدكتور المنصف بن سالم في برنامج "الصراحة راحة"
  تونس من 14 جانفي إلى 14 ديسمبر 2011 صناعة التاريخ
  الحكومــــــــة المؤقتة: تأبيد المؤقت واستحضار الماضي
  الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي
  الثورة التونسية: ثورة تصنع الحياة وتعيد الأمل
  نيتشة وجدل الحداثة بعد انتصار ثورتي تونس ومصر
  هل سرق الغرب ثورة ليبيا؟
  تونس: إعادة اكتشاف خواطر حول زيارتي لتونس بعد عقدين في المنفى

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، حسن عثمان، مصطفي زهران، رمضان حينوني، سلام الشماع، حميدة الطيلوش، مجدى داود، فتحـي قاره بيبـان، العادل السمعلي، د - صالح المازقي، خبَّاب بن مروان الحمد، الهيثم زعفان، محمد يحي، محمود سلطان، حاتم الصولي، د - المنجي الكعبي، أحمد الحباسي، د- محمد رحال، أبو سمية، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، أحمد ملحم، د - الضاوي خوالدية، فوزي مسعود ، نادية سعد، إسراء أبو رمان، أحمد بوادي، فتحي العابد، صلاح الحريري، عمر غازي، د. أحمد محمد سليمان، صالح النعامي ، خالد الجاف ، يحيي البوليني، منجي باكير، د - محمد بن موسى الشريف ، د - شاكر الحوكي ، د. طارق عبد الحليم، ضحى عبد الرحمن، أحمد النعيمي، علي الكاش، وائل بنجدو، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافد العزاوي، محمد اسعد بيوض التميمي، عزيز العرباوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - مصطفى فهمي، رافع القارصي، د- جابر قميحة، سامح لطف الله، محمد الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إيمى الأشقر، ماهر عدنان قنديل، د. عبد الآله المالكي، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بنيعيش، صباح الموسوي ، الهادي المثلوثي، صفاء العراقي، د. أحمد بشير، د. خالد الطراولي ، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، عبد الرزاق قيراط ، كريم فارق، د. مصطفى يوسف اللداوي، سلوى المغربي، مصطفى منيغ، أنس الشابي، د. صلاح عودة الله ، يزيد بن الحسين، صفاء العربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عواطف منصور، محمد الياسين، سامر أبو رمان ، مراد قميزة، محرر "بوابتي"، عبد الله زيدان، فتحي الزغل، أشرف إبراهيم حجاج، د.محمد فتحي عبد العال، فهمي شراب، عراق المطيري، رضا الدبّابي، كريم السليتي، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، المولدي الفرجاني، طلال قسومي، سيد السباعي، محمود فاروق سيد شعبان، سليمان أحمد أبو ستة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الغني مزوز، ياسين أحمد، أ.د. مصطفى رجب، علي عبد العال، تونسي، محمد شمام ، د- محمود علي عريقات، عمار غيلوفي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد العيادي، سفيان عبد الكافي، الناصر الرقيق، جاسم الرصيف، صلاح المختار،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة