البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإسلاميون والفرصة السانحة

كاتب المقال عبد المنعم منيب   
 المشاهدات: 6686



عَانَى الإسلاميون من القمع وعانت الدعوة الإسلاميَّة من التضييق البالغ في العديد من أقطار العالم العربي فترة طويلة إلى أن منَّ الله علينا بنجاح ثورتي مصر وتونس في الإطاحة بنظامي مبارك وبن على، وهما من أكثر نظم العالم الإسلامي قمعًا للإسلاميين وتضييقًا على الدعوة الإسلاميَّة والعمل الإسلامي, والآن وبعد تغيير الوضع في كلٍّ من مصر وتونس هناك فرصة سانحة للإسلاميين في ظلّ أجواء الحرية التي سادت بعد الثورة.. فما هي ملامح العمل الإسلامي الذي يمكن اعتبار أنه يستجيب لمتطلبات هذه المرحلة ويستغلُّ أغلب الفرص المتاحة من أجل النهوض بالحركة الإسلاميَّة وتقوية موقعها في الخريطة السياسيَّة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا؟

أول معالم العمل الإسلامي الفعَّال في الفترة المقبلة هي العمل الجماهيري العام بدعوة عامة الناس إلى تفهم تعاليم الإسلام والالتزام بها، وذلك سيتمُّ عبر مستويين:

المستوى الأول- عمل جماهيري عام: وذلك عبر وسائل الإعلام الحديثة المتعددة مثل الصحف والمجلات المطبوعة والفضائيَّات والإنترنت، وكذلك التحرك الدعوي في الجامعات والقرى والمدن والنوادي عبر التواصل الشخصي والأعمال الدعوية الجماعيَّة من ندوات وخطب ودروس ومحاضرات وأنشطة دينيَّة واجتماعيَّة ورياضيَّة وترفيهيَّة.

الأداء الإسلامي على النت الآن لا بأس به, أما الفضائيات فهي بعيدة كثيرًا عن المهنيَّة الإعلاميَّة وفق أُسُسها الحديثة، وتعمل على فرض أسلوب الخطابة على حساب العمل الإعلامي الحقيقي بكل مفاهيمه وأساليبه وتكنيكاته, أما مجال الصحافة المطبوعة فلا نكاد نلمح وجودًا إسلاميًّا حقيقيًّا فيها, إذ لا توجد ثَمَّ مطبوعة أسبوعيَّة أو يوميَّة ذات توجه إسلامي حقيقي.

التحرك الدعوي عبر الدعوة الفرديَّة والجماعيَّة كانت عليه قيود أيام حكم القمع, لكن الآن قد ارتفعت هذه القيود وينبغي انتهاز هذه الفرصة لتوسيع الأرضيَّة الجماهيريَّة للعمل الإسلامي, ليس الهدف فقط هو كسب تأييد الناس في انتخابات أو استفتاء... إنما هناك هدفان يجب العمل لتحقيقهما هما:

1- توسيع دائرة الملتزمين بالإسلام عقيدة وشريعة, فكرًا وسلوكًا, بحيث تشمل هذه الدائرة أغلبيَّة المسلمين.

2- توسيع دائرة المؤيدين للمنهج السياسي والاقتصادي والنموذج الحضاري الإسلامي بين الذين استعصى عليهم الالتزام بالإسلام عقيدة أو سلوكًا أيًّا كان اتجاههم الفكري أو العقيدي.

المستوى الثاني- العمل الجماهيري الخاص: وذلك عبر المساجد ويهدف إلى تدعيم عمليَّة الالتزام الحقيقي بالإسلام عقيدةً وشريعة عبر التربية على السلوكيات الإسلاميَّة وعبر تزكية النفوس بالتعبد والتعلم في المسجد, وبجعل المسجد ركيزةً لإدارة شئون المسلمين الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة بشكلٍ يبعدها عن الانحرافات السائدة في المجتمع المعاصر ويدعم وجود وصمود الواقع الاجتماعي الإسلامي في وجه هجمات العلمانيَّة وغيرها من العقائد المنحرفة ويدحضُ ما تورِده من شبهات.

أما ثاني معالم العمل الإسلامي في ظلّ المتغيرات التي طرأت على الواقع العربي بعد الثورات العربية الناجحة فهو عمليَّة التثقيف والتجنيد السياسي الإسلامي, إذ يلزمنا الاهتمام بعمليَّة التثقيف السياسي وفق هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في السياسة, وهو أمرٌ ليس هينًا لعدم وجود الأدبيات النظريَّة الكافية, لكنه أمر لا بدَّ منه في ظلّ الحتميَّة الراهنة لعمليَّة خوض غمار العمل والصراع السياسي، وهو أمرٌ يستلزم وعيًا كافيًا بمتطلبات هذه العمليَّة لدى صفوف الحركة الإسلاميَّة قادة وقواعد على حدٍّ سواء, والأمر لا يقتصر على حاجتنا للتثقيف السياسي، بل نحن محتاجون أيضًا لعمل واسع جدًّا في مجال التنظيم السياسي في أطُر وجماعات سياسيَّة تتناسب في صيغتها مع الأوضاع السياسيَّة والقانونية الموجودة في كل دولة, هذه الأطر والجماعات مهمتها القيام بعمليات التعبئة السياسيَّة وممارسة العمل السياسي وفق أهداف وخطط وأولويات العمل الإسلامي.

العمل السياسي الإسلامي هو ثالث معالم العمل الإسلامي في هذه المرحلة, ولا بدَّ أن يشمل مجالَيْن مهمَّيْن:

المجال الأول- الفكر السياسي الإسلامي: وهذا المجال الهدف منه حلّ العديد من إشكاليات الفكر السياسي الإسلامي المعاصر لأن حلّ هذه الإشكاليَّات من شأنه حلّ العديد من المشكلات والعوائق التي تعترض طريق نجاح وتقدم وتطوير العمل السياسي الإسلامى، ويمكن هنا الإشارة لعدد من هذه الإشكاليات على سبيل المثال لا الحصر مثل:

1- طريقة اختيار الحاكم أو القائد الإسلامي والرقابة على قراراته وأداءه ومحاسبته إذا أخطأ أو أخفق.

2- آليَّات صناعة القرار في الدولة أو في الجماعة السياسيَّة الإسلاميَّة.

3- آليَّات ممارسة الشورى وعملية تمثيل القاعدة الشعبية في الحكم وصناعة القرار.

4- أنواع السلطات والفصل بينها.

5- مفهوم الحريات العامة والخاصة وأبعادها في الإسلام.

6- النظم والآليات العمليَّة لتطبيق تعاليم الإسلام في مجال حقوق الإنسان.

7- آليات حسم الخلافات السياسيَّة بين مختلف القوى السياسيَّة الإسلاميَّة وغير الإسلاميَّة.

8- مفهوم المواطنة في الدولة ومفهوم العضو أو المناصر للجماعة السياسيَّة.

9- أهداف وآليَّات وتكتيكات العمل السياسي الإسلامي المعاصر في البيئات والدول المختلفة.

10- أنساق ونظم وآليات التحالف والتعاون مع القوى السياسيَّة المختلفة.

وغير ذلك من القضايا التي تتوقف عليها عملية تقدم ونجاح العمل السياسي الإسلامي.

المجال الثاني- العمل السياسي الإسلامي: وذلك عبر الأحزاب والجماعات السياسيَّة الإسلاميَّة ويراعي فيها:

- التعاون والتنسيق بين القوى الإسلاميَّة المتعددة بدل الصراع والتنافس والتناحر.

- ترتيب الأوليات بدقَّة, ونقترح أن تكون بالترتيب التالي:

1- العمل على استمرار ضمان الحريات العامَّة وتصفية كل سياسات القمع والتضييق السابق.

2- إفساح المجال للعمل الإسلامي بكلِّ أنواعه والتصدي لأي محاولة لعرقلته.

3- محاصرة بُؤَر الفساد السياسي والأخلاقي والعقائدي والعمل على تصفيتها أو على الأقل التضييق عليها تمهيدًا لخنقها.

4- التواصل مع النخب غير الإسلاميَّة بحيث يتم جذبها فكريًّا وعقائديًّا فإن لم ننجح في ذلك فلنكسب تعاطفها وتأييدها أو على الأقل وفي أسوأ الأحوال نحصل على حيادها بدلا من عداوتها.

5- فتح خطوط حوار مع كافة القوى الإقليميَّة والدوليَّة في إطار إدارة رشيدة للعمل السياسي الإسلامي.

وهذه الأطروحات كلها مجرَّد مقترحات عامة تنتظر تعليق وتطوير ذوي الشأن والاهتمام بمجال العمل الإسلامي بعامة والسياسي منه بخاصة.

لكن لا ينبغي أن يظنَّ إخواننا في البلاد المختلفة أن هذا الأمر يخص مصر وتونس فقط؛ لأن سائر دول المنطقة قد تأثرت الأمور فيها بثورتي مصر وتونس، وجرى توسيع مجال الحريات فيها بدرجات متفاوتة وهي ما زالت قابلة للتطوير.

ولا بدَّ من التأكيد على أن سنوات القمع في مصر وتونس قد خلفت جهلا واسعًا بتعاليم الإسلام وشبهات واسعة حول العقيدة والشريعة على حد سواء, وهذا الأمر متوقع في كل قطر يمارس القمع ضد الدعوة الإسلاميَّة الصحيحة, ومن هنا فمن الخطر أن يُغفل العمل الإسلامي في هذه الأقطار العمل الدعوى والتعليمي ولا يعطيهما حقهما, وإذا كنا نريد عملا سياسيًّا، فهو لا بدَّ أن يكون شاملًا على النحو الذي ذكرناه حتى يخدم في إطارِه العام العمل الدعوي والتعليمي وتصحيح المفاهيم ودحض الشبهات وكسب الأنصار.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإسلاميون، مصر، تونس، الإنتخابات، حركات إسلامية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-04-2011   almaqreze.net مركز المقريزي للدراسات التاريخية

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، إسراء أبو رمان، حاتم الصولي، ماهر عدنان قنديل، د. صلاح عودة الله ، د - مصطفى فهمي، المولدي الفرجاني، عمار غيلوفي، صلاح المختار، عبد الغني مزوز، محمد شمام ، ياسين أحمد، أحمد ملحم، د - شاكر الحوكي ، أحمد النعيمي، فتحي الزغل، سيد السباعي، صالح النعامي ، صلاح الحريري، صفاء العراقي، عمر غازي، د - عادل رضا، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمود علي عريقات، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، منجي باكير، حميدة الطيلوش، نادية سعد، حسن عثمان، مراد قميزة، عزيز العرباوي، رافد العزاوي، عبد الله زيدان، كريم فارق، العادل السمعلي، د. أحمد بشير، محمد يحي، رمضان حينوني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، مجدى داود، د - المنجي الكعبي، د- محمد رحال، تونسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود سلطان، محمد الياسين، محمد العيادي، محمد عمر غرس الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الرزاق قيراط ، ضحى عبد الرحمن، علي الكاش، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، أنس الشابي، صفاء العربي، سفيان عبد الكافي، د. أحمد محمد سليمان، د- جابر قميحة، وائل بنجدو، محمد أحمد عزوز، رافع القارصي، د - محمد بنيعيش، فوزي مسعود ، كريم السليتي، أحمد الحباسي، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله الفقير، رضا الدبّابي، مصطفي زهران، د - صالح المازقي، د.محمد فتحي عبد العال، جاسم الرصيف، سلوى المغربي، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بن موسى الشريف ، الهادي المثلوثي، إيمى الأشقر، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد الطرابلسي، فهمي شراب، د. خالد الطراولي ، أشرف إبراهيم حجاج، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، سامر أبو رمان ، يحيي البوليني، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسني إبراهيم عبد العظيم، صباح الموسوي ، عواطف منصور، سامح لطف الله، أ.د. مصطفى رجب، الناصر الرقيق، طلال قسومي، إياد محمود حسين ، محمود طرشوبي، حسن الطرابلسي، فتحي العابد، يزيد بن الحسين، علي عبد العال، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، د. عبد الآله المالكي، عراق المطيري، خالد الجاف ، رشيد السيد أحمد، سلام الشماع، أحمد بن عبد المحسن العساف ، الهيثم زعفان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة