البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

معالم في الطريق (الأخيرة)

كاتب المقال الشهيد سيد قطب   
 المشاهدات: 6521


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هَذَا هُوَ الطَرِيْق


{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ، وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ، إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ، إِنَّـهُ هُـوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ، وَهُـوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيـدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ... }

إن قصة أصحاب الأخدود - كما وردت في سورة البروج - حقيقة بأن يتأملها المؤمنون الداعون إلى الله في كل أرض وفي كل جيل. فالقرآن بإيرادها في هذا الأسلوب مع مقدمتها والتعقيبات عليها، والتقريرات والتوجيهات المصاحبة لها.. كان يخط بها خطوطاً عميقة في تصور طبيعة الدعوة إلى الله، ودور البشر فيها، واحتمالاتها المتوقعة في مجالها الواسع - وهو أوسع رقعة من الأرض، وأبعد مدى من الحياة الدنيا - وكان يرسم للمؤمنين معالم الطريق، ويعدُّ نفوسهم لتلقي أي من هذه الاحتمالات التي يجري بها القدر المرسوم، وفق الحكمة المكنونة في غيب الله المستور.

إنها قصة فئة آمنت بربها، واستعلنت حقيقة إيمانها. ثم تعرضت للفتنة من أعداء جبارين بطاشين مستهترين بحق " الإنسان " في حرية الاعتقاد بالحق والإيمان بالله العزيز الحميد، وبكرامة الإنسان عند الله عن أن يكون لعبة يتسلى بها الطغاة بآلام تعذيبها، ويتلهون بمنظرها في أثناء التعذيب بالحريق !

وقد ارتفع الإيمان بهذه القلوب على الفتنة، وانتصرت فيها العقيدة على الحياة، فلم ترضخ لتهديد الجبارين الطغاة، ولم تفتن عن دينها، وهي تحرق بالنار حتى تموت.

لقد تحررت هذه القلوب من عبوديتها للحياة، فلم يستذلها حب البقاء وهي تعاين الموت بهذه الطريقة البشعة، وانطلقت من قيود الأرض وجواذبها جميعاً، وارتفعت على ذواتها بانتصار العقيدة على الحياة فيها.
وفي مقابل هذه القلوب المؤمنة الخيِّرة الرفيقة الكريمة كانت هناك جبلات جاحدة شريرة مجرمة لئيمة. وجلس أصحاب هذه الجبلات على النار. يشهدون كيف يتعذب المؤمنون ويتألمون. جلسوا يتلهون بمنظر الحياة تأكلها النار، والأناسي الكرام يتحولون وقوداً وتراباً. وكلما ألقي فتى أو فتاة، صبية أو عجوز، طفل أو شيخ، مـن المؤمنين الخيرين الكرام في النار، ارتفعت النشوة الخسيسة في نفوس الطغاة، وعربد السعار المجنون بالدماء والأشلاء !

هذا هو الحادث البشع الذي انتكست فيه جبلات الطغاة وارتكست في هذه الحمأة، فراحت تلتذ مشهد التعذيب المروع العنيف، بهذه الخساسة التي لم يرتكس فيها وحش قط، فالوحش يفترس ليقتات، لا ليلتذ آلام الفريسة في لؤم وخسة !
وهو ذاته الحادث الذي ارتفعت فيه أرواح المؤمنين وتحررت وانطلقت إلى ذلك الأوج السامي الرفيع، الذي تشرف به البشرية في جميع الأجيال والعصور.

في حساب الأرض يبدو أن الطغيان قد انتصر على الإيمان. وإن هذا الإيمان الذي بلغ الذروة العالية، في نفوس الفئة الخيرة الكريمة الثابتة المستعلية.. لم يكن له وزن ولا حساب في المعركة التي دارت بين الإيمان والطغيان !
ولا تذكر الروايات التي وردت في هذا الحادث، كما لا تذكر النصوص القرآنية، أن الله قد أخذ أولئك الطغاة في الأرض بجريمتهم البشعة، كما أخذ قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وقوم لوط. أو كما أخذ فرعون وجنوده أخذ عزيز مقتدر.
ففي حساب الأرض تبدو هذه الخاتمة اسيفة أليمة !
أفهكذا ينتهي الأمر، وتذهب الفئة المؤمنة التي ارتفعت إلى ذروة الإيمان ؟ تذهب مع آلامها الفاجعة في الأخدود ؟ بينما تذهب الفئة الباغية، التي ارتكست إلى هذه الحمأة، ناجية ؟
حساب الأرض يحيك في الصدر شيء أمام هذه الخاتمة الأسيفة !
ولكن القرآن يعلِّم المؤمنين شيئاً آخر، ويكشف لهم عن حقيقة أخرى، ويبصرهم بطبيعة القيم التي يزنون بها، وبمجال المعركة التي يخوضونها.

إن الحياة وسائر ما يلابسها من لذائذ وآلام، ومن متاع وحرمان.. ليست هي القيمة الكبرى في الميزان.. وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة. والنصر ليس مقصوراً على الغلبة الظاهرة. فهذه صورة واحدة من صور النصر الكثيرة.

إن القيمة الكبرى في ميزان الله هي قيمة العقيدة، وإن السلعة الرائجة في سوق الله هي سلعة الإيمان. وإن النصر في أرفع صوره هو انتصار الروح على المادة، وانتصار العقيدة على الألم، وانتصار الإيمان على الفتنة.. وفي هذا الحادث انتصرت أرواح المؤمنين على الخوف والألم، وانتصرت على جواذب الأرض والحياة، وانتصرت على الفتنة انتصاراً يشرف الجنس البشري كله في جميع الأعصار.. وهذا هو الانتصار..

إن الناس جميعاً يموتون، وتختلف الأسباب. ولكن الناس جميعاً لا ينتصرون هذا الانتصار، ولا يرتفعون هذا الارتفاع، ولا يتحررون هذا التحرر، ولا ينطلقون هذا الانطلاق إلى هذه الآفاق.. إنما هو اختيار الله وتكريمه لفئة كريمة من عباده لتشارك الناس في الموت، وتنفرد دون الناس في المجد، المجد في الملأ الأعلى، وفي دنيا الناس أيضاً. إذا نحن وضعنا في الحساب نظرة الأجيال بعد الأجيال !

لقد كان في استطاعة المؤمنين أن ينجوا بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم. ولكن كم كانوا يخسرون هم أنفسهم ؟ وكم كانت البشرية كلها تخسر ؟ كم كانوا يخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير، معنى زهادة الحياة بلا عقيدة، وبشاعتها بلا حرية، وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح بعد سيطرتهم على الأجساد ؟
إنه معنى كريم جداً، ومعنى كبير جداً، هذا الذي ربحوه وهم بعد في الأرض، ربحوه وهم يجدون مس النار، فتحرق أجسادهم الفانية، وينتصر هذا المعنى الكريم الذي تزكيه النار !
ثم إن مجال المعركة ليس هو الأرض وحدها، وليس هو الحياة الدنيا وحدها. وشهود المعركة ليسوا هم الناس في جيل من الأجيال. إن الملأ الأعلى يشارك في أحداث الأرض ويشهدها ويشهد عليها، ويزنها بميزان غير ميزان الأرض في جيل من أجيالها، وغير ميزان الأرض في أجيالها جميعاً. والملأ الأعلى يضم من الأرواح الكريمة أضعاف أضعاف ما تضم الأرض من الناس.. وما من شك أن ثناء الملأ الأعلى وتكريمه أكبر وأرجح في أي ميزان من رأي أهل الأرض وتقديرهم على الإطلاق !

وبعد ذلك كله هناك الآخرة. وهي المجال الأصيل الذي يلحق به مجال الأرض، ولا ينفصل عنه، لا في الحقيقة الواقعة، ولا في حس المؤمن بهذه الحقيقة.
فالمعركة إذن لم تنته، وخاتمتها الحقيقية لم تجيء بعد، والحكم عليها بالجزء الذي عرض منها على الأرض حكم غير صحيح، لأنه حكم على الشطر الصغير منها والشطر الزهيد.

* * *

النظرة الأولى هي النظرة القصيرة المدى الضيقة المجال التي تعنّ للإنسان العجول. والنظرة الثانية الشاملة البعيدة المدى هي التي يروض القرآن المؤمنين عليها، لأنها تمثل الحقيقة التي يقوم عليها التصور الإيماني الصحيح.
ومن ثم وعد الله للمؤمنين جزاء على الإيمان والطاعة، والصبر على الابتلاء، والانتصار على فتن الحياة.. هو طمأنينة القلب :
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْـرِ اللَّهِ تَطْمَئِـنُّ الْقُلُوبُ }... [ الرعد : 28 ].
وهو الرضوان والود من الرحمن : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } [ مريم : 96 ].
وهو الذكر في الملأ الأعلى : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم. فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم. فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع. فيقول : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسمّوه بيت الحمد "... [ أخرجه الترمذي ].
وقال صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه. فإن اقترب إلي شبراً اقتربت إليه ذراعاً، وإن اقترب إليّ ذرعاً اقتربت منه باعاً، وإن أتاني مشياً يمشي أتيته هرولة ". [ أخرجه الشيخان ].
وهو اشتغال الملأ الأعلى بأمر المؤمنين في الأرض : { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } [ غافر : 7 ].
وهو الحياة عند الله للشهداء : { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 169 - 171 ].
كما كان وعده المتكرر بأخذ المكذبين والطغاة والمجرمين في الآخرة والإملاء لهم في الأرض والإمهال إلى حين.. وإن كان أحياناً قد أخذ بعضهم في الدنيا.. ولكن التركيز كله على الآخرة في الجزء الأخير : { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } [ آل عمران : 196 - 197 ].
{ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ }.. [ إبراهيم : 42 - 43 ].
{ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ، يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ، خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } [ المعارج : 42 - 44 ].

وهكذا اتصلت حياة الناس بحياة الملأ الأعلى، واتصلت الدنيا بالآخرة، ولم تعد الأرض وحدها هي مجال المعركة بين الخير والشر، والحق والباطل، والإيمان والطغيان. ولم تعد الحياة الدنيا هي خاتمة المطاف، ولا موعد الفصل في هذا الصراع.. كما أن الحياة وكل ما يتعلق بها من لذائد وآلام ومتاع وحرمان، لم تعد هي القيمة العليا في الميزان.

انفسح المجال في المكان، وانفسح المجال في الزمان، وانفسح المجال فـي القيم والموازين، واتسعت آفاق النفس المؤمنة، وكبرت اهتماماتها، فصغرت الأرض وما عليها، والحياة الدنيا وما يتعلق بها، وكبر المؤمن بمقدار ما رأى وما عرف من الآفاق والحيوات، وكانت قصة أصحاب الأخدود في القمة في إنشاء هذا التصور الإيماني الواسع الشامل الكبير الكريم.

* * *

هناك إشعاع آخـر تطلقه قصة أصحاب الأخدود وسورة البروج حول طبيعة الدعوة إلى الله، وموقف الداعية أمام كل احتمال.

لقد شهد تاريخ الدعوة إلى الله نماذج منوعة من نهايات في الأرض مختلفة للدعوات..
شهد مصارع قوم نوح، وقوم هود، وقوم شعيب، وقوم لوط، ونجاة الفئة المؤمنة القليلة العدد، مجرد النجاة. ولم يذكر القرآن للناجين دوراً بعد ذلك في الأرض والحياة. وهذه النماذج تقرر أن الله سبحانه وتعالى يريد أحياناً أن يعجِّل للمكذبين الطغاة بقسط من العذاب في الدنيا، أما الجزاء الأوفى فهو مرصود لهم هناك.
وشهد تاريخ الدعوة مصرع فرعون وجنوده، ونجاة موسى وقومه، مع التمكين للقوم في الأرض فترة كانوا فيها أصلح ما كانوا في تاريخهم. وإن لم يرتقوا قط إلى الاستقامة الكاملة، وإلى إقامة دين الله في الأرض منهجاً للحياة شاملاً.. وهذا نموذج غير النماذج الأولى.

وشهد تاريخ الدعوة كذلك مصرع المشركين الذين استعصوا على الهدى والإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وانتصار المؤمنين انتصاراً كاملاً، مع انتصار العقيدة في نفوسهم انتصاراً عجيباً. وتم للمرة الوحيدة في تاريخ البشرية أن أقيم منهج الله مهيمناً على الحياة في صورة لم تعرفها البشرية قط، من قبل ولا من بعد.
وشهد - كما رأينا - نموذج أصحاب الأخدود..
وشهد نماذج أخرى أقل ظهوراً في سجل التاريخ الإيماني في القديم والحديث. وما يزال يشهد نماذج تتراوح بين هذه النهايات التي حفظها على مدار القرون.
ولم يكن بدّ من النموذج الذي يمثله حادث الأخدود، إلى جانب النماذج الأخرى. القريب منها والبعيد..
لم يكن بد من هذا النموذج الذي لا ينجو فيه المؤمنون، ولا يؤخذ فيه الكافرون ! ذلك ليستقر في حس المؤمنين - أصحاب دعوة الله - أنهم قد يدعون إلى نهاية كهذه النهاية في طريقهم إلى الله. وأن ليس لهم من الأمر شيء، إنما أمرهم وأمر العقيدة إلى الله !

إن عليهم أن يؤدوا واجبهم، ثم يذهبوا، وواجبهم أن يختاروا الله، وأن يؤثروا العقيدة على الحياة، وأن يستعلوا بالإيمان على الفتنة وأن يصدقوا الله في العمل والنية. ثم يفعل الله بهم وبأعدائهم، كما يفعل بدعوته ودينه ما يشاء. وينتهي بهم إلى نهاية من تلك النهايات التي عرفها تاريخ الإيمان، أو إلى غيرها مما يعلمه هو ويراه.
إنهم أجراء عند الله. أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا، عملوا وقبضوا الأجـر المعلوم ! وليس لهم ولا عليهم أن تتجه الدعوة إلى أي مصير، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير !

وهم يقبضون الدفعة الأولى طمأنينة في القلب، ورفعة في الشعور، وجمالاً في التصور، وانطلاقاً من الأوهاق والجواذب، وتحرراً من الخوف والقلق، في كل حال من الأحوال.
وهم يقبضون الدفعة الثانية ثناء في الملأ الأعلى وذكراً وكرامة، وهم بعد في هذه الأرض الصغيرة.
ثم هم يقبضون الدفعة الكبرى في الآخرة حساباً يسيراً ونعيماً كبيراً.
ومع كل دفعة ما هو أكبر منها جميعاً. رضوان الله، وانهم مختارون ليكونوا أداة لقدره وستاراً لقدرته، يفعل بهم في الأرض ما يشاء.

* * *

وهكذا انتهت التربية القرآنية بالفئة المختارة من المسلمين في الصدر الأول إلى هذا التطور، الذي أطلقهم من أمر ذواتهم وشخوصهم. فأخرجوا أنفسهم من الأمر البتة، وعملوا أجراء عند صاحب الأمر ورضوا خيرة الله على أي وضع وعلى أي حال.
وكانت التربية النبوية تتمشى مع التوجيهات القرآنية، وتوجه القلوب والأنظار إلى الجنة، وإلى الصبر على الدور المختار حتى يأذن الله بما يشاء في الدنيا والآخرة سواء.
كان - صلى الله عليه وسلم - يرى عماراً وأمه وأباه - رضي الله عنهم - يعذبون العذاب الشديد في مكة، فما يزيد على أن يقول : " صبراً آل ياسر. موعدكم الجنة "..
وعن خبّاب بن الأرثّ - رضي الله عنه - قال : شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد برده في ظل الكعبة، فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ أو تدعو لنا ؟ فقال : " قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين. ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه. ما يبعده ذلك عن دينه. والله ليتممن الله تعالى هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، فلا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون ".. [ أخرجه البخاري ].

* * *

إن لله حكمة وراء كل وضع ووراء كل حال، ومدبر هذا الكون كله، المطلع على أوله وآخره، المنسق لأحداثه وروابطه. هو الذي يعرف الحكمة المكونة في غيبه المستور، الحكمة التي تتفق مع مشيئته في خط السير الطويل.
وفي بعض الأحيان يكشف لنا - بعد أجيال وقرون - عن حكمة حادث لم يكن معاصروه يدركون حكمته، ولعلهم كانوا يسألون لماذا ؟ لماذا يا رب يقع هذا ؟ وهذا السؤال نفسه هو الجهل الذي يتوقاه المؤمن. لأنه يعرف ابتداء أن هناك حكمة وراء كل قدر، ولأن سعة المجال في تصوره، وبعد المدى في الزمان والمكان والقيم والموازين تغنيه عن التفكير ابتداء في مثل هذا السؤال. فيسير مع دورة القدر في استسلام واطمئنان..

لقد كان القرآن ينشئ قلوباً يعدها لحمل الأمانة، وهذه القلوب كان يجب أن تكون من الصلابة والقوة والتجرد بحيث لا تتطلع - وهي تبذل كل شيء، وتحتمل كل شيء - إلى شيء في هذه الأرض، ولا تنظر إلا إلى الآخرة، ولا ترجو إلا رضوان الله، قلوباً مستعدة لقطع رحلة الأرض كلها في نصب وشقاء وحرمان وعذاب وتضحية حتى الموت. بلا جزاء في هذه الأرض قريب، ولو كان هذا الجزاء هو انتصار الدعوة، وغلبة الإسلام وظهور المسلمين، بل لو كان هذا الجزاء هو هلاك الظالمين بأخذهم أخذ عزيز مقتدر كما فعل بالمكذبين الأولين !

حتى إذا وجدت هذه القلوب، التي تعلم أن ليس أمامها في رحلة الأرض إلا أن تعطي بلا مقابل - أي مقابل - وأن تنتظر الآخرة وحدها موعداً للفصل بين الحق والباطل. حتى إذا وجدت هذه القلوب، وعلم الله منها صدق نيّتها على ما بايعت وعاهدت، آتاها النصر في الأرض، وائتمنها عليه. لا لنفسها، ولكن لتقوم بأمانة المنهج الإلهي وهي أهل لأداء الأمانة منذ كانت لم توعد بشيء من المغنم في الدنيا تتقاضاه، ولم تتطلع إلى شئ من الغنم في الأرض تعطاه. وقد تجردت لله حقاً يوم كانت لا تعلم لها جزاء إلا رضاه.

وكل الآيات التي ذكر فيها النصر، وذكر فيها المغانم، وذكر فيها أخذ المشركين في الأرض بأيدي المؤمنين نزلت في المدينة.. بعد ذلك.. وبعد أن أصبحت هذه الأمور خارج برنامج المؤمن وانتظاره وتطلعه. وجاء النصر ذاته لأن مشيئة الله اقتضت أن تكون لهذا المنهج واقعية في الحياة الإنسانية، تقرره في صورة عملية محددة تراها الأجيال.. فلم يكن جزاء على التعب والنصب والتضحية والآلام، إنما كان قدراً من قدر الله تكمن وراءه حكمة نحاول رؤيتها الآن !

وهذه اللفتة جديرة بأن يتدبرها الدعاة إلى الله، في كل أرض وفي كل جيل. فهي كفيلة بأن تريهم معالم الطريق واضحة بلا غبش، وأن تثبِّت خطى الذين يريدون أن يقطعوا الطريق إلى نهايته، كيفما كانت هذه النهاية. ثم يكون قدر الله بدعوته وبهم ما يكون، فلا يتلفتون في أثناء الطريق الدامي المفروش بالجماجم والأشلاء، وبالعرق والدماء، إلى نصر أو غلبة، أو فيصل بين الحق والباطل في هذه الأرض.. ولكن إذا كان الله يريد أن يصنع بهم شيئاً من هذا لدعوته ولدينه فسيتم ما يريده الله.. لا جزاء على الآلام والتضحيات.. لا، فالأرض ليست دار جزاء.. وإنما تحقيقاً لقدر الله في أمر دعوته ومنهجه على أيدي ناس من عباده يختارهم ليمضي بهم من الأمر ما يشاء، وحسبهم هذا الاختيار الكريم، الذي تهون إلى جانبه وتصغر هذه الحياة، وكل ما يقع في رحلة الأرض من سراء أو ضراء.

* * *

هنالك حقيقة أخرى يشير إليها أحد التعقيبات القرآنية على قصة الأخدود في قوله تعالى : { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }.. حقيقة ينبغي أن يتأملها المؤمنون الداعون إلى الله في كل أرض وفي كل جيل.
إن المعركة بين المؤمنين وخصومهم هي في صميمها معركة عقيدة وليست شيئاً آخر على الإطلاق. وإن خصومهم لا ينقمون منهم إلا الإيمان، ولا يسخطون منهم إلا العقيدة..

إنها ليست معركة سياسية ولا معركة اقتصادية، ولا معركة عنصرية.. ولو كانت شيئاً من هذا لسهل وقفها، وسهل حل إشكالها. ولكنها في صميمها معركة عقيدة - إما كفر وإما إيمان.. إما جاهلية وإما إسلام !
ولقد كان كبار المشركين يعرضون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المال والحكم والمتاع في مقابل شيء واحد، أن يدع معركة العقيدة وأن يدهن في هذا الأمر ! ولو أجابهم - حاشاه - إلى شيء مما أرادوا ما بقيت بينهم وبينه معركة على الإطلاق !

إنها قضية عقيدة ومعركة عقيدة.. وهذا ما يجب أن يستيقنه المؤمنون حيثما واجهوا عدواً لهم. فإنه لا يعاديهم لشيء إلا لهذه العقيدة " إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد " ويخلصوا له وحده الطاعة والخضوع !

وقد يحاول أعداء المؤمنين أن يرفعوا للمعركة راية غير راية العقيدة، راية اقتصادية أو سياسية أو عنصرية، كي يموِّهوا على المؤمنين حقيقة المعركة، ويطفئوا في أرواحهم شعلة العقيدة. فمن واجب المؤمنين ألا يُخدَعوا، ومن واجبهم أن يدركوا أن هذا تمويه لغرض مبيت. وأن الذي يغيِّر راية المعركة إنما يريد أن يخدعهم عن سلاح النصر الحقيقي فيها، النصر في أية صورة من الصور، سواء جاء في صورة الانطلاق الروحي كما وقع للمؤمنين في حادث الأخدود، أو في صورة الهيمنة - الناشئة من الانطلاق الروحي - كما حدث للجيل الأول من المسلمين.
ونحن نشهد نموذجاً من تمويه الراية في محاولة الصليبية العالمية اليوم أن تخدعنا عن حقيقة المعركة، وأن تزور التاريخ، فتزعم لنا أن الحروب الصليبية كانت ستاراً للاستعمار.. كلا.. إنما كان الاستعمار الذي جاء متأخراً هو الستار للروح الصليبية التي لم تعد قادرة على السفور كما كانت في القرون الوسطى ! والتي تحطمت على صخرة العقيدة بقيادة مسلمين من شتى العناصر، وفيهم صلاح الدين الكردي، وتوران شاه المملوكي، العناصر التي نسيت قوميتها وذكرت عقيدتها فانتصرت تحت راية العقيدة !
{ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }.
وصدق الله العظيم، وكذب المموهون الخادعون !


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سيد قطب، المسلم الرسالي، الجاهلية، الحاكمية، صحوة إسلامية، معالم في الطريق، إستعلاء الإيمان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-09-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سليمان أحمد أبو ستة، عبد الله الفقير، نادية سعد، أحمد النعيمي، الناصر الرقيق، عمار غيلوفي، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الرزاق قيراط ، محمد عمر غرس الله، عراق المطيري، د - صالح المازقي، د. أحمد بشير، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، سلوى المغربي، ياسين أحمد، محمد شمام ، خبَّاب بن مروان الحمد، صباح الموسوي ، يزيد بن الحسين، علي عبد العال، عزيز العرباوي، طلال قسومي، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمود فاروق سيد شعبان، د. صلاح عودة الله ، أحمد ملحم، عبد الغني مزوز، سلام الشماع، د - المنجي الكعبي، د - الضاوي خوالدية، فتحـي قاره بيبـان، صلاح المختار، فهمي شراب، ضحى عبد الرحمن، د. عبد الآله المالكي، حميدة الطيلوش، أحمد بوادي، عواطف منصور، عمر غازي، د- محمد رحال، مجدى داود، مراد قميزة، د - عادل رضا، حسن عثمان، محمود طرشوبي، صالح النعامي ، محمد الياسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أبو سمية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سفيان عبد الكافي، محرر "بوابتي"، د- محمود علي عريقات، جاسم الرصيف، د. خالد الطراولي ، صفاء العراقي، د - محمد بن موسى الشريف ، أ.د. مصطفى رجب، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد محمد سليمان، كريم السليتي، رضا الدبّابي، العادل السمعلي، رافع القارصي، رافد العزاوي، سامح لطف الله، أنس الشابي، إسراء أبو رمان، كريم فارق، ماهر عدنان قنديل، إياد محمود حسين ، حاتم الصولي، محمود سلطان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحي العابد، خالد الجاف ، محمد يحي، سيد السباعي، صفاء العربي، د - شاكر الحوكي ، محمد أحمد عزوز، مصطفى منيغ، منجي باكير، د.محمد فتحي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله زيدان، د- هاني ابوالفتوح، رمضان حينوني، وائل بنجدو، سعود السبعاني، يحيي البوليني، رحاب اسعد بيوض التميمي، تونسي، د. طارق عبد الحليم، صلاح الحريري، فتحي الزغل، د - مصطفى فهمي، أحمد الحباسي، علي الكاش، سامر أبو رمان ، محمد العيادي، د- جابر قميحة، إيمى الأشقر، د. عادل محمد عايش الأسطل، المولدي الفرجاني، د - محمد بنيعيش، محمد اسعد بيوض التميمي، الهادي المثلوثي، محمد الطرابلسي، حسن الطرابلسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة