البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لم تعد لدي دموع

كاتب المقال ترجمة د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7997


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


قصة قصيرة كتبها فريدون زاهبيان باللغة الفارسية من أدب الحرب، ونشرت في صحيفة الزمن في جمهورية ألمانيا الاتحادية
الملحق الأدبي بتاريخ 6 / أيار ـ مايو / 1988
Die Zeit : 67Juni 1988
Bundes Republik Deutschland

نشرت بعنوان: Ich habe Keine Tränen mehr



************

هذه القصة

في 8/ أيار ـ مايو/ 1945
أنتهت الحرب في أوربا، المجاميع الأخيرة من الأطفال الجنود في الجيش الألماني يسلمون أنفسهم باكين ...
الحرب .. نعم الحرب التي لم يسلم منها حتى الأطفال .. في كل مكان في العالم ..


الطفل الإيراني رضا بهروزي يتحدث عن الوحشية في الحرب الإيرانية ـ العراقية .. حرب الصحراء.

الصحفي الإيراني فريدون زهابيان سجل حكاية الطفل ..

" عندما أستسلم لضغط أمه .. ذهب رضا بهروزي وسجل أسمه جندياً في
جيش خميني .. وسيق مع الآلاف من أمثاله إلى حقول الألغام في جبهة
خوزستان من أجل فتح الطريق أما القطعات الإيرانية ... وهكذا شـاهد
بنفسه الوحشية، وعايش هذه التجربة المؤلمة قبل أن يسـقط في اسـر
القوات العراقية ".

والصحفي الإيراني فريدون زهابيان الذي يعيش في منفاه بباريس، سجل قصة هذا الطفل بعنوان " لم تبق لدي دموع " باللغة الفرنسية، قامت السيدة ريناتا هايم بوشر بترجمتها إلى اللغة الألمانية عام 1988، ونشرته في جريدة الزمن.

-----------

مقدمة


لم تستوقفني طويلاً الصورة المنشورة في الملحق الأدبي لصحيفة الزمن Die Zeitالتي تصدر في ألمانيا الاتحادية، فإن الصورة التي نشرت مع القصة معروفة عالمياً، صور الأطفال الألمان الذين جندتهم الهتلرية في جيشها في أواخر الحرب رغم علمها الأكيد بخسارة المعركة، فعندما تعتقد قيادة سياسية ما، أنها قدر ذلك البلاد .. وتشتط في اعتقادها، فإنها لا تتردد في زج البلاد في أتون ملتهب.

هكذا أعتقد هتلر، وهكذا اعتقدت القيادة الإيرانية.

وإذن، فقد ظننت لأول وهلة وأنا أتصفح الملحق الأدبي هذا، أن القصة المنشورة ما هي إلا من أدب الحرب العالمية الثانية .. ولكن أبصاري التقطت كلمة (الحرب العراقية ـ الإيرانية)، وهكذا غدا الموضوع بالطبع مثيراً وجديراً بالقراءة.

سأترك تقدير القصة فنياً للنقاد .. ولكني أستطيع أن أقرر بأن القصة مثيرة، فهي قد نشرت لأول مرة باللغة الفارسية، ثم بالفرنسية بسبب أن كاتبها السيد فريدون زاهبيان وهو صحفي وأديب إيراني يعيش في منفاه الفرنسي، ثم ترجمت إلى اللغة الألمانية ونشرت في صحيفة ألمانية من صحف المقدمة، واسعة الانتشار.

إذن فالقصة قد نالت بسبب موضوعها الإنساني قبل كل شيء، اهتماماً أوربياً مهماً، والأمر الثاني، ربما لأن للألمان مأساة مماثلة في تاريخهم القريب، فقد اهتموا بترجمة القصة ونشرها، وثالثاً، أن الألمان يريدون أن يقولوا شيئاً .. باطل ما يفعله بلد يزعم بعث الحضارة الإسلامية بأساليب هتلرية وحشية في نهاية القرن العشرين.

ثم أني أريد أن أدلي برأي ليس كناقد أدبي، بل كقارئ وكاتب سياسي: ترى كم ينجح التضليل في إخفاء الحقائق ..؟ فذلك سؤال يقض المضاجع ويثير القلق، كما أني تذكرت قولاً مأثوراً لأحد الحكماء مفاده:
بإمكانك أن تضلل بعض الناس لبعض الوقت ...
وبإمكانك أن تضلل كل الناس لبعض الوقت ...
ولكن يستحيل أن تضلل كل الناس لكل الوقت ..

ويعلم الكثير من الباحثين والمثقفين، أن أجهزة الدعاية الهتلرية، وبالتحديد قبل استسلام ألمانيا بأيام قليلة، انطلقت كالعاصفة تثير غبراء أباطيل جديدة كمحاولة أخيرة للتضليل، من أن القيادة الهتلرية قد توصلت إلى اختراع أسلحة جديدة من شأنها أن تقلب نتيجة الحرب، وكان الجيش السوفيتي يقاتل داخل شوارع العاصمة برلين.

والشعب الألماني، ذلك الشعب الأكثر تحضراً بين الشعوب الأوربية، ومن ورائهم تراث ضخم من الثقافة ومنجزاتها في كافة الميادين، فهناك بتهوفن وموزارت، وهيغل وشوبنهاور وإيمانؤيل كنت وماركس وأنجلز والبرشت دورر وفردريك شينكل وسواهم كثير من النجوم اللامعة في سماء الحضارة العالمية، بما في ذلك أبرز المفكرين الاستراتيجيين والقادة العسكريين مثل: كلاوس فون فيتز، كارل فون هاوزهوفر، بسمارك، بلوخر، مولتكة، رومل وغودريان وغيرهم، ومع ذلك أنطلى التضليل على هذا الشعب العريق، وهَب ملبياً نداء الفاشية المحتضرة .. لماذا ..؟

تواصل دوائر الثقافة الألمانية حتى اليوم بكل فئاتها وبمختلف اتجاهاتها دراسة الأسباب التي دعت الشعب الألماني لأن يستجيب لأباطيل الدعاية الهتلرية وتضليلها(توصلت الهتلرية إلى الحكم بواسطة الانتخابات)، ترى هل كان الشعب الألماني يعاني من هزيمة داخلية فهرب إلى الفاشية كمن يحتمي بالنار من الرمضاء، كحل لأزمته..؟

نعم .. أن ألمانيا كانت تعاني شيئاً من ذلك نتيجة للحرب العالمية الأولى، وقسوة معاهدة فرساي، ولكن ترى هل تؤدي هذه الطيبة المفرطة إلى تصديق الأباطيل ..؟ أم ترى هو الحلم بالأمنيات الجميلة ..؟

ذلك موضوع يطول شرحه، وتطول تفاصيله، فإذا كانت الهتلرية قد نجحت في تضليل شعباً كالشعب الألماني فلماذا لا تنجح الخمينية والتعصب والتطرف في تضليل الشعب الإيراني الذي يرزح تحت صنوف التخلف والجهل والخرافات ..؟

رضا بهروزي .. طفل من عائلة فلاحية بسيطة، استجاب لحملة التضليل التي تفوق قدراته العقلية، ثم أن اختيار الدين كعامل لتهييج الناس، فأطلقت سيلاً هائلاً من الخرافات التضليلية، وبدا الأمر لأول وهلة مارداً جباراً، ولكن للتضليل أقداماً خشبية هشة .. سريعة العطب، حتى طفلاً غراً كرضا بهروزي أكتشف التضليل، ولكن بعد أن كان كل شيء قد تحطم: الأحلام الطيبة، الآمال الجميلة، العيش بأمان قرب أمه في قريته الوادعة، وقبل هذا وذاك قلبه الصغير المفعم بالحب، ثم اكتشفته جموع إيرانية غفيرة، فهجرت خنادقها وألقت بسلاحها أرضاً، وفرت..! ولكن إلى أين ..؟

هل إلى خرافة جديدة تصيغها لهم القيادة الدينية المتطرفة التي تشحن الجماهير بالكراهية والحقد ..؟ أم إلى حقيقة موضوعية ستتبلور من خلال نضال الجماهير الإيرانية من أجل غد أفضل بقوم على السلام والأمان بدلاً من الدماء والدمار ..؟ فذلك ما سيقرره التطور السياسي والاجتماعي اللاحق للشعب الإيراني.

أعترف بأني ترددت ترجمة هذه القصة إلى اللغة العربية، حتى أني ترجمت نصفها ثم تركتها، بيد أني فكرت طويلاً ... هل أطرح لقراء العربية ماذا يجري في الجانب الآخر ..

هل سيتفهم الناس الذين سيقرأون هذه القصة الدوافع الحقيقية لاعترافات الطفل الإيراني رضا بهروزي، ثم الدوافع الحقيقية التي دعتني لترجمة هذه القصة ..؟ فإني قد تأملت وفكرت، لماذا يقرأ فرنسيون وألمان بالإضافة إلى الإيرانيين هذه القصة ولا نقرأها نحن ..؟ لنعرف أي تفاعلات تدور في رحم الثقافة الإيرانية .. بل في رحم المجتمع الإيراني ..

جازماً أقول .. كلا .. أيام التاريخ كثيرة وصفحاته زاخرة بالأحداث الكبيرة، وكلما تأخرت الصفحة الثانية كلما كان وقعها مدوياُ أكثر

وأخيراً ...

رضا بهروزي طفل إيراني في الثالثة عشرة من عمره، سيق إلى جبهة خوزستان وأستخدم ومعه كثيرون غيره كفالقات ألغام بشرية، وشهد هذا الطفل تجربة وحشية .. أنتهي منها عندما سقط في أسر القوات المسلحة العراقية .. عولج من جراحه، ثم أطلق سراحه وأطفال غيره دون مقابل ....

ولكن هذا الطفل هجر وطنه إلى أوربا .. هجر الخرافة وما أورثته من الآلام الأبدية .. ألا تستحق هذه التجربة القراءة ..؟

سيأتي يوماً غير هذا الذي نحن فيه، الشعب الإيراني سيفرز قادته، وسيكون من بديهيات الأمور، أن لا تسيئ لجارك، فقد امتلأت المستودعات بالجثث وبداء قتلى حروب لا داعي لها، وبالمؤامرات والدسائس، وبدل أشجار المودة والصداقة الجميلة غطى الحزن والشك والريبة، الوجوه، وأرتدى الناس السواد.

لكي نستطيع أن نستفيد من التجربة، وأن نكوَن وجهات نظر حرة سديدة .. وأن نضع الحب بدل الحقد والكراهية، والمرونة والتفهم بدل التعصب والتطرف.

التاريخ ليس يوماً واحداً ...


لذلك، هذا الخطاب يصلح لليوم والغد والمستقبل
هو خطاب موجه للشعب الإيراني
نريده جاراً صديقاً
أقدم هذا الجهد ..

شكراً

المترجم


أواسط أيار/ 1989

---------------

آه كم أنا خجل منكم أيها الباسدران ....

حتى هنا ... على بعد مئات الكيلومترات، في أعماق جنوب البلاد ما زال الخجل من أمي يتابعني، غضبها الذي كان يوقف الدم في عروقي، وها قد ثلاثة أسابيع على مغادرتي لها، ولكني ما زلت أعتقد بأني أسمع صوتها فجأة .. والآن وقد توصلت لأمي إلى ما تريده، أن أطيع قرارها وما تريد، لأني لم أكن أريد أن أتعرض لضغطها، ومن أجل ذلك، قدمت نفسي إلى التطوع، ولكن بالتأكيد دون رغبة حقيقية .. ولكني كنت مصمماً.

والآن أنا الآن هنا .. ولا أستطيع العودة .. ها أنا سأواجه الأعداء والخطر .. ويتراءى لي الموت .. وفي هذه اللحظة أتذكر أمي، ترى هل هي تتذكرني أيضاً ..؟ أو لربما أنها ستحبني أكثر ..!

بعيون وحدقات مفتوحة، تطلعت إلى السماء، لقد كان أسبوع احتفالات السنة الإيرانية الجديدة، والسماء كانت واضحة وشديدة البرودة، كانت ملايين النجوم تضيئ السماء من فوقي، وبين الحين والآخر كانت تهوي نجمة وتمضي وهي ترسم خطاً مضيئاً في السماء اللامتناهية .. يا ترى هل سأرى هذه الأشياء الجميلة ..؟ وهل سأبقى غداً أيضاً على قيد الحياة ..؟ وبدأت أردد بصوت مرتفع ...

بسم الله الرحمن الرحيم ...
لقد كنت أصلي دائماً .. ولكني منذ أن وصلت إلى ديزفول، حيث بدأت أشاهد بأم عيني أهوال وفضائع هذه الحرب المميتة، بدأت أصلي أكثر من ذي قبل، وفي لحظة كهذه وعندما يكون رفاقي نائمين متعبين، إما بسبب التنقل في عربات القطار، أو في سيارات الشحن أو بسبب التمرينات التي كنا نجريها، حيث كنت أنا في الخلف كاحتياطي للدفاع، ومن لغرض التدريب قد سلحنا بالعصي وبالحجارة كقنابل يدوية.

كنا في اليوم السابق قد استلمنا معداتنا للقتال: أدوات تضميد، زمزمية ماء، سيروب، ورمانة تدريبية واحدة وصفحة من القرآن التي كان يجب أن نحفظها، وطوال يومين علمونا الانضباط والطاعة:
" ستتقدمون جميعاً لمساقة مترين بخطوة واحدة، وإذا سقط أحد زملائكم فدعوه على الأرض، لا تتوقفوا مهما كان السبب، الجرحى سينقلون بواسطة آخرين، فهناك من سينقلهم، ولكن لا تتوقفوا أبداً وهذا مهم جداً، استمروا بالتقدم، وخلال تقدمكم تماسكوا مع بعضكم البعض يساراً ويميناً إلى جانب الرجال.. وبنفس المسافة، ولا تدعوهم أن يجتازوكم أبداً ".

وطوال يومين كنا نتقدم ونتدرب تحت الشمس المحرقة، وفي البداية لم تكن الأمور طيبة، وكانت الأوامر باستمرار تصدر إلينا، وكنا نتلقى الضرب لمن لا يظهر حسن الانضباط، وكان التقدم يستمر ساعات وساعات، ولم نكن نتوقف إلا للصلاة أو لتناول الطعام.

كانت قواي قد استنفذت في الليلة الثانية، وكان كل شيء في يؤلمني، ولكن برغم إرهاقي لم يجد النوم إلي سبيلاً ... ثم استطعت أن أنام لفترة قصيرة، وبغتة أستيقضت وكذلك وجدت زملائي، كانت عيوني تؤلمني، وأعاني من حرقة في القدمين، وكان ظهري متصلباً.

بعد صلاة الفجر، كان هناك قدر كبير من الشاي الساخن والخبز، وفجأة ظهر عدد من الملالي بيننا، لا نعلم كيف جاؤا وبعد ذلك ابتدأت الأوامر تصدر، الساعة(س) قد حلت، وعلمت أن الكثير من زملائي الذين لم أكن أعرفهم سيموتون هذه الليلة... ترى هل يدركون هم ذلك ... لا أعتقد...

الهواء كان مثلجاً، وكنت أرتجف من البرد عندما أنظممت إلى الصف ...

وهناك في المقابل أمامنا، ثلاثة أو أربعة كيلومترات إلى الأمام، كانت الجبهة، حيث أعدائنا ... ترى ماذا يفعلون الآن ..؟ ترى هل هم نائمون، ترى هل هم مباشرة بعد الساتر أم بعده بمسافة قصيرة ..؟ ترى هل يشاهدوننا ...؟

كانت الشمس تشرق خلفنا، وأمام عيونهم، ولكن ربما هم يعلمون بأمرنا حتى قبل شروق الشمس أو عند أول شروقها في الأفق الذي بدأ الآن يصبح واضحاً، ويلتقطوننا كالأرانب في المصيدة ...

من الجهة اليمنى، التقطت أذني صوت من يشتكي ...
ـ إنني اشعر بالبرد. وأنت. ..؟
وألتفت حيث الصوت فرأيت صبياً لم أكن أعرفه، ولكني أجبته
ـ طبعاً .. أنا أيضاً ( قلتها وابتسمت له)
دفعه هذا ليتقدم بسؤال جديد ..
ـ ما أسمك ..؟
ـ أنا رضا (أجبته) وأنت ..؟
ـ أنا أسمي ماسود ... وأنا قادم من مدينة همدان ..

كنت قد شاهدته مرتين أو ثلاثة قبل اليوم، ولكني دون أتبادل معه الحديث، في البدء كان لا يتحدث مع الصبيان مع بعضهم البعض، كان لدينا الكثير لنفعله، والكثير لنتعلمه، وكان هذا شيء لا يطاق ... الحرب .. الصلاة، والدعاء إلى الله

كان ماسود لطيفاً، ويبدو أكبر مني بسنة أو سنتين، وكان متميزاً بوجهه الناحل وعيناه السوداويين الكبيرتين، كان نحيفا، طويل القامة، وذي شعر مجعد وشفاه رقيقة..

ـ أنا من كرمنشاه (قلت له) وهي ليست بعيدة عن مدينتك ..

إلى الأمام .... سر

كم جميع الجهات كنا نسمع هذا الصوت الآمر

كنا نرفع صلواتنا وأدعيتنا إلى السماء لكي يحمي الرجال ويسبغ حمايته عليهم، حتى أنا بدأت أتضرع وأدعو الله لكي يرحم حياتي .. " أيها الرب العظيم .. أحمنا وامنحنا النصر ".

هل كنت أخاف من الموت ..؟
ربما، ولكني كنت متأكداً بأني لم أكن أريد الموت فجأة، وكذلك زملائي لم يكونوا يريدون الموت ..

كنت أدعو وأتضرع وكنت أعلم أن ماسود يفعل الشيء نفسه، وبين الحين والآخر كنا نشاهد بعضنا ويبتسم أحدنا للآخر. كان يبدو سعيداً عندما يراني، وأنا أيضاً كنت أبادله الشعور، وكان حضوره يمنحني السلوى.

ماسود كان وسيماً جداً، وكنت أريد حمايته، كان من بيئة فلاحية يبدو وكأنه لم يرى شيئاً في حياته، ولكني كنت أعتقد بالتأكيد أنه طالب مدرسة.

من خلفي كان الجنود بأصواتهم الغليظة يقولون: " يا إلهي الرحيم .. دعني أقتل الكثير من هؤلاء العراقيين، ساعدني إسقاط الكفر من السنة الذين أساؤا إلى إمامنا ".

وطوال أسابيع كنا نحفظ هذه الجمل، وبالنسبة لنا لم تعد هناك أوامر تصدر، وفيما عدا ذلك كان الهدوء .. وابتدأت الحرارة تتصاعد، ولكن قبل المرحلة الأولى لم يكن يسمح بشرب الماء.

بغتة، هدرت صوت قرقعة، وبعدها بثوان أعقبتها قرقعة أخرى، وتطلعت بطرف عيني، بلمحة إلى اليسار وإلى اليمين، فشاهدت سحابة من الدخان تتصاعد، وسمعت شيئاً ما يسقط بالقرب مني على الأرض، وصراخ ورعب.

وتعالت صوت الأوامر ... زملائي بجانبي يتابعون تقدمهم ...

ـ إذا شاهدتم العراقيين، أرموا عليهم، فهم لا يجيدون التصويب، ولكنهم يصيبون أحياناً بالصدفة ويوقعون القتلى والجرحى، وفي هذه الحالة عليكم بمتابعة المسير، المهم أن لا تتوقفوا، وإذا توقف أحدكم عن المسير والتقدم، فإن النظام سيرتبك ويذهب كل شيء هباء.. دوسوا على القتلى والجرحى ولكن واصلوا مستمرين في نظام السير .

هكذا كانت الأوامر الصادرة لنا..

ماذا حدث ..؟
هل أكتشف العراقيون وجودنا وفتحوا النيران ..؟
أم أن قنبلة يدوية انفجرت سهواً ..؟

ولكني اكتشفت الحقيقة متأخراً، مثلما أكتشفها كل العالم .. أنهم قد أرسلونا في وحدات منظمة وفي صفوف متتابعة إلى حقول الألغام هذه من أجل تفجيرها بأجسادنا لتمر بعدنا القطعات النظامية للجيش الإيراني مع سلاحها وذخيرتها دون التعرض لمخاطر الألغام.

هنا في هذه الجبهات الفسيحة ...

ـ أنا خائف ...
بغتة قال لي ماسود الذي كان بجانبي، تطلعت إليه، كان يرسل خطواته إلى الأمام وكأنها أتوماتيكية، قطرات العرق كانت تملأ وجهه
ـ لا داعي أن تخاف ..(قلت له) إنني هنا بجانبك، لا تخاف
ولكنه أجابني
ـ لا أستطيع السير .. الخوف يتملكني .. لا أريد أن أموت
ـ أنك سوف لن تموت (قلت له) أنك سوف لن تموت .. صدقني .. إنني بجانبك ..

وهنا حدث انفجار آخر إلى يساري، وبالقرب مني تماماً، مرت قطعة من جسم إنسان ورذاذ من الدماء، وتدحرج على الأرض رأس رجل ذو شعر أبيض، سقط أمامي مباشرة وتحت أقدامي مع حقيبة الإسعافات الأولية، هذا العجوز الذي لا أعرفه، والذي كان قبل ساعات يسير إلى جانبي يبتهل ويصلي، ها هو قد تمزق أشلاء ولم تبقى منه سوى قطعة غير محدودة المعالم، بقيت على الرمال الساخنة.

كنت بسبب الانفجار ومن جراء ضغط الهواء الذي سببه الانفجار، قد تأرجحت وسقطت على الأرض بين أقدام نوسود ...
ـ لا أحد منكم سيرفع إذا تعثر وسقط، زملائكم سيتابعون التقدم ..

هكذا كانت الأوامر..

تحاملت على نفسي لأنهض وما كدن أفعل ذلك حتى قذفني انفجار آخر من جديد إلى الأرض، وكذلك صديقي واثنان من الجنود، وانفجار يعقب انفجار مرة بالقرب مني ومرة بعيداً، وأنا استمع إلى صرخات الألم والاستغاثة وطلب الرحمة .. وحشرجات، ولكن الزملاء ما زالوا يتقدمون ..

وتمر ثواني هدوء، وبعدها تأتي أصوات الإنفجارات وتعقبها صرخات الألم وصوت الإيعازات التي يصدرها قائدنا الذي يبعد عنا مسافة أمان كافية، ما زال يصرخ:
ـ تقدموا إلى الأمام، لا تلتفتوا إلى الخلف، لا تضلوا واقفين ...

كنت قد انفصلت عن الرتل، ولكن ماسود ما يزال بالقرب مني، كنا ما نزال نسير بشجاعة، وكان الوقت يمضي، والكثير من الجنود كانوا قد تساقطوا، وطلوا ساقطين على الأرض، والشمس العالية في السماء ما تزال تحرق بلا شفقة، ولم بكن قد قطعنا حتى الآن نصف المسافة، وبدأ العطش يعذبنا، ثم تأكدت أني قد أضعت زمزمية الماء...

وفجأة دوى انفجار بالقرب مني، وتطلعت إلى جانبي، وشاهدت ماسود مرمياً هناك على الأرض .. ماسود أصبح خطري الجديد، وهنا لم أعد أستطيع أن أتركه، ماسود صديقي الطيب النحيل الذي لم يكن يريد أن يموت، والذي من أجله صليت ..

قذفت بنفسي على الأرض من شدة حزني، وأمسكت به وصرخت بأسمه عالياً، كان فمه مليء بالرمل، وكان ينزف من أنفه وأذنيه... الآن فقط شعرت بأن صدره قد تمزق وإن قدميه قد بترتا، وذراعه قد بترت أيضاً... وهنا تلقيت رفسة هائلة في مؤخرتي أعادت لي صوابي، وصوت قاس يصرخ بي :
ـ تابع .. لا تلتفت إلى الخلف وإلا سيسوء أمرنا .

والآن فإن صديقي عند الله .. في الشهادة السعيدة للإسلام، فقد قال لنا الملالي دائماً :
" سترون كم جميلة هي الجنة المليئة بالورود .. أنها دنيا جديدة هناك حيث ستشاهدون آبائكم وأمهاتكم وكل أحبائكم، والحياة على الأرض لا معنى وأهمية لها، والجنة وحدها هي التي تستحق كل شيء ".

وفي اليوم التالي، كان عددنا ما يزال كبيراً، حيث تطلعت إلى الغرب (حيث الجبهة العراقية) ولم أكن أريد أن اصدق عيوني، فمازالت مساحة الرمال اللامتناهية أمامنا، على مدى ما يقع عليه البصر، بل وأكبر من مساحة الأمس.

وكنت عندما كنت أركز بصري، ألمح بالكاد من بعيد سلسلة صغيرة من الجبال التي لا يتجاوز ارتفاعها بضعة مئات من الأمتار... يا إلهي... هل ينبغي أن أقطع بحر الرمال هذا أيضاً..!
بل هل سأستطيع أن أقطعها، نعم لابد من قطعها ولكن كيف ..؟

حولي وفي كل مكان، أطفال منهكون ورجال مسنون متعبون ذووا لحى بيضاء، ويتعالى صوت مركبات، جرحى يضعون الرباطات على عيونهم أو على وجوههم .

وبعد انتهائي من واجب الحراسة، تمددت لأنام بالقرب من رجل لم يكن يعرف الهدوء، فقد قطعت إحدى ذراعيه تقريباً، ورجل آخر كانت ساقه قد قطعت وجرحه ما يزال مفتوحاً.

سمعت صوت بعض الطلقات مع نسيمات الصباح الباردة، وكانوا قد أبعدوا الرجال المصابون بجروح ثقيلة وحالات ميؤس منها إلى مسافة خارج كعسكرنا وأطلقت عليهم النيران، وبعدها بفترة قصيرة سمعت صوت إطلاقة أخرى، ولكن صوتها كان مرتفعاً، وإذا بأحد الضباط على بعد خطوات مني أطلق رصاصة الرحمة على جندي كان ممداً وصدره مفتوح بجرح كبير ... فكرت إن عائلته سعيدة به الآن كبطل ...!

فوق التلال ..
ألتفتت مرة أخيرة قبل أن نشرع بالهبوط إلى الجهة الأخرى، شاهدت هناك بلدوزر يقوم بحفر قبر طويل جماعي يضم جثث زملائي الذين تساقطوا هنا .. والذين لم يقدر لهم أن يعيشوا هذا اليوم .. لا صلاة، لا إيعازات، لا ملالي ولا من يحزنون .. أين ذهب كل ذلك ..؟

خلال ساعات سنغطي الرمال هذا القبر الهائل، ولن يستطيع أي إنسان بعد ذلك أن يجدهم .. سلسلة الجبال التي أمامنا ما تزال بعيدة رغم طول مسيرنا ...

ابتدأت الانفجارات مرة أخرى، بنفس شدة الأمس، وعاد الصراخ والأنين يملأ صفوفنا والأوامر والصراخ .....
إلى الأمام ...
تلطخت بدماء أصدقائي التي كانت تفر من أجسادهم إلى وجهي ويديَ وعلى بدلة القتال التي كنت أريديها، وحتى حذائي العسكري، كل شيء صار أحمر، يفوح بالرائحة النفاذة التي أتعرف عليها لأول مرة.. بل أني أحس بها في رئتي.

ومرة أخرى أجد نفسي أما مشكلة .. أنها الجثث والجرحى الساقطين على الأرض والذين كان علينا أن لا نتوقف عندهم، وكان هؤلاء يسدون الطريق الضيق الذي يجب أن يمر به الرتل، كان هؤلاء مغمورين بالرمال وساقطين على الطريق وعلى جوانبه، وكل خمسين أو مئة متر، كنت لا أجد مجالاً سوى أن أمضي فوق أحد هؤلاء القتلى والجرحى...

بعضهم كان ما يزال يتحرك، يتمتمون ببعض الكلمات التي لم أكن أفهمها، ويحدجونني بنظرة مؤلمة، أحدهم تطلع إلى وكان مرمياً على الأرض بدون ذراعين ولا ساقين، كان يضحك وكانت عيناه مفتوحتان بشكل مرعب

تساقطت الدموع من عيني، واختلطت بالعرق والدم والرمال .. هكذا إذن فإن رحلتي في الوحشية قد ابتدأت ..

وبغتة عاد ذلك الصراخ .. تلك الصرخة الوحشية التي أطلقت من بين صفوفنا .. صوت لا يشابهه شيء في الحقيقة .. صوت لا إنساني ملأ التلال التي كنا نتقدم خلالها ..

رفعت رأسي بشكل آلي، كانت أهدابي ملتصقة ببعضها، وكنت أحس بحرقة في عيوني، وجسدي كان يتوهج من شدة الحرارة .. وضعت يدي على رأسي لأحمي نفسي من الشمس، ولكن الأمر كان مجرد عبث مع تلك الأشعة المحرقة المشعة من الأفق مئات من الجنود كانوا أمامي والآلاف خلفي، ولم أكن أرى فيهم سوى التعب والإرهاق.. ظهورهم محنية ولا اسمع سوى ضجة أحذيتهم العسكرية الثقيلة على الرمال ..

لقد ظننت بأنني قد أصبت بمس من الجنون، عندما تخيلت نفسي بأنني أشاهد شكل حصان ورجل يشير إلينا.. هذه الظاهرة دامت حوالي الثانيتين ثم اختفت بسرعة.

نظرت حولي .. كان الجميع يتابعون المسير وكأنهم لم يشاهدوا شيئاً .. لم يعد لي شك ... لقد فقدت صوابي، وكنت ما أزال بحالة سيئة بعد موت صديقي الصغير ماسود الذي لم يطل تعرفي عليه، وأضعته إلى الأبد، ومنذ ذلك الوقت وأنا لست على ما يرام ..

الصوت الغريب عاد
إلى الصراخ .. ولكن هذه المرة كان إلى يميني وقريباً مني، حيث تنتصب التلال مرة أخرى، تلك التي لم آخذها من قبل على محمل الجد، لكن الشك لم يعد ممكناً هذه المرة، ولم أكن لوحدي من اسمع ذلك الصوت، فالجنود أيضاً رفعوا رؤوسهم وبدأوا يتطلعون في نفس الاتجاه.

إذن فإني لست أحلم، ولم أضع صوابي، فهم أيضاً قد سمعوا هذا الصوت الغريب، ومرة أخرى اعتقدت بأن ما أشاهده هو فارس، وهو يسير على قمة تل صغير، أختفي ثم عاد إلى الظهور..

وفكرت، ترى كم يبعد عنا هذا الشكل الغير معروف، خمسمائة متر .. أو ستمائة متر ..؟ يا ترى كيف نفهم هذه الظواهر غير الحقيقية ..؟

قرقعة القنابل حسمت التفكير، وتابع الرجال بجانبي مسيرهم دون اهتمام، ولكني أقنعت نفسي بأن أستمر بالمسير برأس واضح وصاف... وأن أموت مع الآخرين من أجل هدفنا المشترك وهو التقدم نحو العراق وتحرير كدننا المقدسة.

ثم دوت فرقعة إلى يميني وعلى مقربة مني مباشرة، ثم انفجار آخر، وشعرت بشيء حاد حفر في أسفل ذراعي، وفي نفس اللحظة أقتلع انفجار رجلاً بالقرب مني شاهدت وجهه وصوته عندما أقتلعه الانفجار إلى الهواء، وأختفي عن ناظري، كما أن قوة غير طبيعية قد سحبته إلى الأعلى .. وكان هناك آخرين يتساقطون أيضاً، ببساطة هكذا على الأرض، ويخلف الانفجار في الأرض حفرة، كنت أتنحى في طريقي عن الحفر، وكان الرجال من خلفي الذين لا يشاهدون هذه الحفر يتعثرون بها ثم يحاولون النهوض.

سمعت صراخاً عالياً .. ثم بضعة إيعازات، والمسيرة كانت ما تزال تتقدم بنظام لا تلوي على شيء، ربطت منديلي على ذراعي حيث كان جرحي قد بدأ ينزف، ولم يكن وجهي وحالي على ما يرام، إذ كنت أعاني الألم من ذراعي المربوطة إلى رقبتي وقدمي المتورمتين من التعب ... وكان ذلك الصوت الذي يدوي في رأسي كالمطرقة، وطعم الدم في فمي، بل ويفوح من كل مكان.

تصاعد الصوت الغريب مرة أخرى .. وكأنه شكوى، وفي هذه المرة أكثر قرباً وأكثر وضوحاً، قريباً مني حيث كنت أستطيع أن اسمع، بل وأن أميز بعض الكلمات:

" أولادي... أولادي "

آلاف الوجوه ألتفتت نحو التلال .. إلى حيث كنا قد اقتربنا بضع مئات من الأمتار، وقد أصبحت أراه الآن بكل وضوح .

هنالك كان .. هو .. في ضوء الشمس الساطعة حيث بدا بهيئة أمير بجلاله، يمتطي جواداً رائعاً أبيضاً، لم استطع أن أتبين وجهه .. إذ كان ما زال غير قريب لدرجة التعرف عليه، ولكن سطوع الضوء والسماء الزرقاء كانت رائعة.

" يا أولادي .. ها أنا .. أنا إمام الزمان .. أنا الإمام صاحب الزمان "

أخذ قلبي يخفق بقوة .. لا يمكن أن يكون هذا حقيقة .. ولا يمكن أن يكون .. أنه الرسول الحبيب الذي سيعود إلى الأرض في نهاية الزمان .. انتابتني الرعدة، وجفت الكلمات في حنجرتي واختفت، وتبعثر الصراخ، ودب الفزع في هذه الجموع وأخذوا يتراكضون في كل في كل اتجاه ويصطدم أحدهم بالآخر، ويتعثر أحدهم بالآخر، وفي خلال ثوان كانت هذه المسيرة المتعبة قد انقلبت إلى ضواري متحمسة بهستيريا هائلة، إنه إمام الزمان، إنه الإمام الثاني عشر الذي نحن اليوم من أحله نقاتل.

وكما حدث في ذلك اليوم، تكررت الرؤية المقدسة (للإمام المختفي)في اليوم التالي، لكي يغفر لنا عن آثامنا ومن أجل أن يتقبلنا في الجنة، هكذا كان الملالي يحدثوننا في معسكرات التدريب، بأننا إذا وفقنا وحالفنا الحظ، ومتنا من أحل إمامنا ومن أجل الشعب الإيراني، بأننا سنقابل إمام الزمان حتماً وهو على صهوة جواده الأبيض وبيده راية الإسلام ..

وها هو الأمر يتحقق فعلاً، على بضع مئات من الأمتار، وها هو يعدو على صهوة جواده على الرمال، يشير بيده إلينا :

" هيا يا أولادي، أركضوا .. تقدموا إلى الأمام .."

بهذه الكلمات اختفى مرة أخرى خلف التلال.

وقد فعلت هذه الكلمات وهذه المشاهد فعلها كالكهرباء بالآلاف من الأولاد والجنود من جميع الأعمار، ولم يعد أحد يهتم بالآلام والجروح أو بالإنفجارات التي لم تنقطع، كان الدم ينبثق ويتفجر في كل مكان، وبعد كل انفجار كان يعقبه تطاير الرؤوس وأعضاء أخرى من الجسد في الفضاء، وهنا لم يبق أثر للانضباط، ولم يعد هناك من يصدر الأوامر من ضباط الصف أو الملالي أو من قادة حرس الثورة(الباسدران) وسادت فوضى لا تصدق وأختلط الحابل بالنابل، وبعد أن اختفى الإمام حيث لا يدري أحد إلى أين ذهب، وهكذا أيضاً فقد مضى كل واحد منا ليتدبر أمره.

وأخذت أعدو فوق المشوهين الساقطين على الأرض، الأجساد الهامدة، أتعثر فوق الأجساد الممزقة بوحشية، كانت الدماء تغطي جسدي من قمة رأسي حتى أخمص قدمي، غارق في التعب والإرهاق، ولكن ما زالت هتافات الإمام تدوي في رأسي وتمنحني قوة دافعة وكنت بالكاد أشعر بألم جروحي، لقد كنت قد عبرت حدود التعب والحاجة الملحة إلى النوم.

وفي هذه اللحظة القصيرة، وفي ذروة هذا الانفعال كنت قد نسيت كل شيء: أمي أخوتي، عائلتي، صديقي ماسود ضمن هذا الجو الذي كنت أتواجد فيه، لقد كنت أحيا في لحظة مكثفة رائعة شيء: أمي أخوتي، عائلتي، صديقي ماسود ضمن هذا الجو الذي كنت أتوجد فيه، لقد كنت احيا في لحظة مكثفة نادرة ورائعة، لم أعد أفكر بالأخطار أو الإيعازات نادرة التي كنت أسمعها بين الفينة والفينة، حد السواء في الموت والحياة على أو الرغبة في الموت والحياة على حد السواء.
وتحت هذه الشمس المحرقة، هتفت الآلاف من الحناجر في وقت واحد:

: يا إمام الزمان أن أنت "

صمت طويل بين انفجار وآخر، هتافات استرحام على وتيرة واحدة :
" يا محمد ... يا علي .... يا حسين "
وصوت متميز عن سائر الأصوات، والأعلى من بينها كان يهتف بلوعة :

" أيها الرسول العزيز ... أين أنت ..؟

ولكن الأفق ظل أخرساً، والتلال الحمراء كانت أشعة الشمس تنعكس عليها فتجعلها تميل إلى الحمرة، ظلت صامتة ... وغطس رأسي إلى الأسفل وغمرني الهم ... إن المعجزة القد ذهبت إلى غير رجعة.

شعرت أن يداً تمتد وتتشبث بساقي، بل بقماش بنطلوني، وتطلعت إلى الأمر، رأيت ولداً في مثل عمري يقول لي:
ـ ساعدني لأقف .. ساعدني رجاء، إكراماً لله، أعتقد أن ساقي قد كسرتا، أريد أن أشاهد ما تشاهدوه... ساعدني رجاء ..

أخذت الغلام بين ذراعي ورفعته إلى الأعلى، كانت ذراعاه كأنهما محطمتان، وصدره مهشم، وساقاه معلقتان ببدنه وهو يقول:

" أريد أن أراه .. أريد أن أراه.. لقد جلبت إلى هنا من أجل هذا.. أين هو ..؟"
أحترت بماذا أجيبه .. هل أقول له إنه أختفي..!
هل أقول له إننا ضحايا خداع وهلوسة جماعية ..؟

وهنا تجدد ذلك الصوت من التلال إلى اليمين من جهتنا، يهتف هتافاً قوياً .. هناك برز مرة أخرى الفارس على جواد أبيض وبيده راية الإسلام وهو يشير إلى الغرب(حيث الجبهة العراقية) ..

" يا أولادي تقدموا إلى هناك .. أركضوا. أركضوا .."
ثم شب الحصان قائماً، ولبث بضعة لحظات ثم صاح مرة أخرى..
" تقدموا أنا أحميكم .. الله يحميكم .. أتبعوني .."

تمسكت أنا بالغلام الجريح وشددته إلي ليستطيع أن يشاهد كل شيء، وحتى لا ينزلق من بين ذراعي، ثم أشرقت ابتسامة على وجهه الجميل قائلاً ..

" الحمد لله .. لقد شاهدته .. لقد شاهدته .. أني الآن سعيد "
الآن أتذكر تماماً، كيف أنه فارق الحياة ببطء وهدوء وهو بين ذراعي .. زميلي الذي لم أعرفه قط ..

وانطلقت الجموع باتجاه التلال حيث كان الصوت ينبعث.. وكان بعضهم خلال انطلاقه يكادون أن يسحقوني بأقدامهم وهم يتجاوزوني منطلقين إلى الأمام..

وعندما مضت الجموع منطلقة، استطعت أن أقف مرة أخرى واستعيد أنفاسي، لقد لفظ قبل لحظات إنسان هنا أنفاسه الأخيرة على صدري، وفي الواقع لم يعد هناك شيء مهم بالنسبة لي، فأنا شخصياً كنت تحت وطأة السحر، وأصابتني كلمات راكب الجواد الأبيض بتيار كهربائي، وكذلك هذه الجموع من الأطفال والشيوخ، وتأكدت بنفسي أن تلك الكلمات لم تحمي أحداً من شيء، وها هو صديق مرمى على الأرض أمامي ممزق الأوصال على الرمال الساخنة ويده ممتدة إلى لا شيء..

نهضت متحاملاً على نفسي باتجاه التلال، كنت محطم النفسية تماماً، وكان كل شيء أمام ناظري يبدو غائماً، أصوات الإنفجارات تحيط بي من كل حدب وصوب، وصرخات الألم، كنت أتعثر بالجثث التي تملأ المكان، وكان يترائي لي وكأني أشاهد من بعيد الشكل الغير واضح.. خيال الحصان الأبيض تنشر الريح علمه الأخضر في لفافة من الغبار .. ثم ما لبث أن أختفي في الأفق البعيد..

وعندما وصلت إلى آخر قطعة متقدمة لنا، كانت أنفاسي قد تقطعت، فانهرت ساقطاً على الأرض من التعب، ولحسن الحظ كان بجانبي أحد رجال التمريض الذي رجوته أن يغير لي ضماد جرحي...

واستطعت أن أقرأ في علامات وجهه أن حال جرحي ليس على ما يرام، وقال لي:
ـ بهذا الجرح لم تستطيع يا صغيري أن تواصل، لقد أصاب الالتهاب الجرح، وليس لدي هنا ما أستطيع أن أعالجك به بصورة صحيحة، ولكن أستطيع أن أعطيك فقط شيئاً يعالج ألامك، وأن أغير لك ضماد الجرح، وليس عدا ذلك شيئاً..

كان ذلك يكفيني، وفيما عداه، فبإمكاني انتظاره، وفي هذه اللحظة لم أكن أريد شيئاً سوى أن أرى الرسول مرة أخرى .. على الأقل مرة واحدة ..

وهكذا فقد استعجلت وهرعت لألتحق بالوحدات المتقدمة، والآلاف مثلي، الوجوه الخرساء المتعبة كانت تزحف نحو سلسلة التلال خلف المعجزة، ثم جثا الجميع على ركبهم رافعين أكفهم نحو السماء، وكان الرجال المسنون يبكون ..

شيء لا يمكن تصوره، وقد ضاعت من الكلمات لوصف ذلك المشهد، هذا المنظر الذي لا يصدق، كيف يركع هؤلاء الجنود على ركبهم من جميع الأعمار في هذه الصحراء وضمن مدى مدفعية العدو، كأن ذلك يجري في جامع مفتوح الجنبات ..

واليوم .. وبعد سنوات، ما زالت الأسلحة لم تصمت بعد، أسأل نفسي، كيف تناست هذه الآلاف من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشر والثامنة والستين، القادمين من أرجاء مختلفة من البلاد، ومن مختلف الفئات الاجتماعية، كيف أنهم تناسوا في تلك اللحظة أنهم في حرب، وألقوا بسلاحهم إلى الأرض يدعون إلى الله أن يشاهدوا الإمام المهدي مرة أخرى..


بسم الله الرحمن الرحيم

لقد حدثت المعجزة مرة أخرى، ولآخر مرة على بعد بضعة أمتار من مكاننا، على ظهر مرتفع غير عال، كم كان جميلاً بلحيته السوداء والسيف معلق على جانبه، وعلى رايته كانت هناك آية من القرآن وكان يبدو شاباً وجميل المحيا ...

هتف ..
" يا فخر جنود الإسلام، يجب علينا أن ننتصر على العدو الكافر الملحد، تقدموا بهذا الاتجاه، أهجموا ضد من لا دين لهم، واستولوا على المدن المقدسة التي أخذت منا، يا أولادي الأحباء، إن ثأر استشهاد الإمام المقدس الحسين سيسقط يزيد .."

وهدرت الصيحات المتحمسة من الحناجر، ودقت الجموع على صدرها وتابع الفارس..

" إن الله يضع يده فوقكم، وأنا معكم، أنا أبنه وأخوه، وأنا أخوكم، أهرعوا.. عجلوا، وسأراكم قريباً "

ولكني لم أراه بعد ذلك قط

نهض المرضى والجرحى جميعاً كرجل واحد، وكل من كانت لديه بقية من قوى .. قفزوا إلى الأمام.. وعندما ابتدأ التقدم، ثار الغبار والرمال، جيش لجب متوحش يهجم للاحتلال بأيدي فارغة وبطون جائعة، ولكن بقلوب مؤمنة..

وهنا جرى شيء يشبه الأهوال بوحشيته، مريع، شيء لا يمكن نسيانه مطلقاً، جرى ذلك حولي ومن كل الأطراف، أمامي، بجانبي وخلفي، عشرات من الأنفجارات، النيران وألسنة اللهب تتصاعد كينابيع من النار، صيحات الاستغاثة والألم والرعب، وكان ذلك يزداد كلما تقدمنا أكثر، وكانت الأذرع والأجساد تتطاير في الهواء... كان ذلك هو تقدمنا المجنون..

تعثرت مرة، ثم مرة ثانية، وبعد هنيهة مرة أخرى، كانت الأرض مفروشة بالجثث، وبالأسلحة والتجهيزات من كل نوع، كان قفاي وساقاي وظهري يولمني، ويشتد الألم بعد كل مرة اسقط فيها، ولكني كنت في كل مرة أ‘ود فأنهض وأتابع الركض مع الآخرين، كانت كلمات الإمام الأبيض قد سحرتني، ولكني كنت استنفذ قواي الداخلية.

لقد تعثرت وسقطت وداسوا علي، ثم ركضت، ثم لم أعد أسمع شيئاً، لم أعد اسمع الصياح ولا أنين الجرحى، ولا الدعوات، لم يكن أمام ناظري سوى شيء واحد: الإمام الأبيض وذراعه المشرعة التي كان يشير بها إلينا، إلى الطريق حيث يوجد الكفار الذين أهانوا إمامنا المبجل(الخميني) الذين يتحدون بلادنا وأحرقوا علمنا.

وخلال الركض، كنت أبكي من السعادة والشعور بالرضا، وربما من الألم، لم أشعر أبداً بأني فقدت كل شيء، علبة الضماد، الزمزمية التي كنت أحتفظ بها والقنبلة اليدوية، لكن لا شيء كان بوسعه إيقافي.. لا شيء.

ولكن بغتة، شعرت بألم جنوني في ساقي الأيسر التي كانت إلى حد الآن على ما يرام، لقد أصابني سيئ ما عميقاً في لحم ساقي، تدحرجت على الأرض كما يصاب أرنب خلال عدوه .. حاولت النهوض، كني عدت وسقطت، ثم استترت خلف جثتين، كنت أشم رائحة شواء لحم بشري، وكان اللذين يتساقطون من حولي كثيرون، ومع ذلك وجدت لنفسي مكاناً، وأصطبغ وجهي بالدماء النازفة من القتلى، ولدقائق طويلة كان الآخرون يعبرون من فوقي ويتابعون ركضهم، وبدأت وكأنني لم أسمع أو أرى شيئاً .. كان كل شيء يؤلمني .. وبدأت أعتقد بأنني سأموت ..

يجب أن أنام .. لا بد أن أنام .. تمددت على الرمال، وأحسست بالراحة ودعوت صادق الدعاء .. وناديت والدي وتحدث مع شقيقتي، ثم شاهدت شقيقتي الصغيرة سورايا، وقريتي الجميلة العالية فوق الجبال، كنت متعباً .. وكنت أريد النوم .. ولا شيء غير النوم ...

أيقظتني نسمة خفيفة .. في البداية لم أكن أستطيع أن أفتح جفوني .. كانت أهدابي ملتصقة ببعضها من التراب والدم المختلط بالدموع، غالبت نفسي واستطعت أن أفتح عيوني، وبحذر رفعت يدي، ودعكت عيوني، واستطعت أخيراً أن ألقي نظرة على نفسي، صرخت صرخة ما زلت اسمعها حتى اليوم في أذني.

بالقرب مني كان يرقد شيئاً فوق ما يمكن وصفه، شيء لم يعد بشرياً، لكزني بيده، كانت خصلة من شعره تداعبه الريح، الأصابع تتحرك ببطء، أردت التحرك إلى الخلف، لكني اصطدمت بشيء ما خلفي، أغلقت عيوني لكي أنسى ما رأيت، ثم عدت وفتحتهما ببطء، والشيء كان ما يزال في مكانه يتطلع نحوي.. أردت أن أصيح مرة أخرى، لكني عجزت عن إخراج الصوت من حنجرتي، أردت أن أتدحرج بعيداً عنه، لكني كنت خائر القوى تماماً .. أردت أن أبكي، ولكن لم تبقى لدي الدموع، كانت عيوني تؤامني، كنت أحس وكأن أعضاء جسدي تتمزق.

لم أكن في كامل قواي، إذ هزتني مشاهدة هذا الكائن الذي كان ما يزال مرتدياً ملابسه العسكرية، وإشارته بيده، ممسكاً بالقنبلة اليدوية في قبضة يده، كان وجهه محترقاً تماماً، وجلده قد غدا بلون الفحم، وكانت فروة رأسه مسلوخة، ومن هذه الجمجمة المسلوخة كانت تتدلى خصلة من الشعر.

لم تكن قد تبقى له جفون، ولا شفاه، كانت العيون قد جحظت من مكانها إلى الخارج، وأسنانه كانت واضحة للعيان حتى جذورها، نصف إنسان، نصف هيكل عظمي، أحسست وكأنه يريد أن يقول لي شيئاً، وفي لحظات احتضاره الطويلة هذه، لم يكن يبدر منه سوى خفقان بسيط .

كان ينظر إلي .. ترى هل ما زال حياً ..؟ أم ترى يريد أن يتحدث إلي .. أم يريدني أن أتحدث معه وله ..؟ هل يستطيع أن يجيبني ..؟ ولكني كنت عاجزاً عن إصدار أي صوت من حنجرتي .. بل أنني لم أكن أستطيع الحركة أكثر منه ..!

وهكذا كنا نتطلع لبعضنا دون أن نحرك ساكناً .. وبخوف تام .. أنا كنت ما أزال على قيد الحياة .. ربما قد يموت هو بين لحظة وأخرى، كانت حدقته مفتوحة إلى آخرها وفمه نصف مفتوح.

كم يجب أن أظل ملقى على الأرض هنا ..؟ ترى هل سيجدني أحداً وينقذني مما أنا فيه ..؟ أم ترى سيضمني قبر جماعي وأنا ما زلت على قيد الحياة دون أي يلاحظوا ذلك ..؟ وهو أمر يحصل بعد كل قتال .. !

قمت بمحاولة أخيرة من أجل النهوض، وبعد أن جمعت كل قواي، نجحت في ذلك بالاستناد إلى ذراعي السليمة، ومع ذلك فقد أحسست بألم فضيع، لكن ينبغي عليَ الابتعاد بأي ثمن عن هذا المكان ..

ترى هل كنت أتمنى الموت حقاً ..؟ ربما .. ولكن ليس على هذه الصورة، نعم كنت أريد أن أشاهد معارفي وأصدقائي الموتى، ولكني لم أكن أريد أن أدفن حياً، وبجانبي هذا المخلوق الرهيب، كنت أريد الموت وسلاحي في يدي، أو برصاصة في رأسي، ولكن في القتال على أية حال ..

وأخيراً نجحت بأن أدفع نفسي إلى الخلف، سنتمتراً بعد سنتمتر، وأن أبتعد عن الجثث المتراكمة خلفي، وهالني كم وجدت من حولي أجزاء بشرية مقطعة على امتداد البصر.. ومئات من الأجساد التي لا حراك فيها، ومن المؤكد أن عدداً من هؤلاء ما زال حياً مثلي، ولكن كيف يمكن التعرف عليهم ..!

وفجأة برز أمامي خطر جديد ... خطر يتمثل بسلاسل الدبابات .. كانت الدروع تتقدم وتقترب مني، وحدة كاملة من الدروع، كتل من الحديد تتدحرج على الأرض، كانت ستهرسنا وتطحننا، وبآخر ما أمتلك من قوى، شاحذاً همتي وعزمي، أن أبتعد بضعة أمتار، وأن أجعل قائد الدبابة يشاهدني، في حين كان هناك بلدوزر على بعد حوالي مئة متر، يدفع بالجثث أمامه ويجمعها بعضها فوق بعض كما تكوم اللعب المهروسة الممزقة..!

تحاملت على نفسي ناهضاً وبيدي السليمة بدأت أشير، حاولت أن اصرخ، ولكن حنجرتي ظلت عاجزة عن إطلاق أي صوت، حاولت ذلك مراراً وتكراراً .. ولكني كنت عاجز عن ذلك .. بل حتى عن إخراج أي صوت ضعيف ..

لك أكن أستطيع حتى البكاء .. حاولت جهدي .. كانت الدبابة تقترب مني، باتجاهي، وستسحقني.. كنت أدعو بكل صدق .. ولكن الشكوك كانت تملؤني .. كنت أريد أ، أبكي، ولكن لم تبقى لدي دموع ...

لم أكن أستطيع أن أهرب من هذا المكان، أو أن أحرك نفسي ولو قليلاً .. وها أنا لم تبقى لي سوى أن أنتظر النهاية ...

كنت حزيناً.. ومستسلماً للأقدار، إن ميتة كهذه لم أكن أتمناها لنفسي، ولكن الله يريد ذلك ..

ومنذ ذلك اليوم الأسود الذي زج بالألوف من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة إلى الموت في حقول الألغام ليدفعوا حياتهم لكي تستطيع السيارات والجيش التقدم ...!

منذ ذلك اليوم ... لم أعد أبكي أبداً ...


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

أدب الحرب، أدب، قصة، حرب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-09-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. أحمد محمد سليمان، عبد الغني مزوز، أنس الشابي، مجدى داود، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، د. عبد الآله المالكي، فتحـي قاره بيبـان، صلاح الحريري، وائل بنجدو، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، نادية سعد، د. أحمد بشير، تونسي، رضا الدبّابي، سيد السباعي، أحمد بوادي، محمد يحي، كريم فارق، محمد الياسين، محمد عمر غرس الله، عزيز العرباوي، د. طارق عبد الحليم، صلاح المختار، يحيي البوليني، د- محمد رحال، د. خالد الطراولي ، إيمى الأشقر، علي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، أشرف إبراهيم حجاج، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، صفاء العربي، محمد شمام ، محمود فاروق سيد شعبان، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، محمود طرشوبي، أحمد الحباسي، المولدي الفرجاني، سليمان أحمد أبو ستة، عواطف منصور، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الرزاق قيراط ، أبو سمية، الهيثم زعفان، د - الضاوي خوالدية، عبد الله الفقير، سفيان عبد الكافي، سامر أبو رمان ، رافد العزاوي، د - المنجي الكعبي، محمد الطرابلسي، مصطفي زهران، مراد قميزة، أحمد ملحم، فتحي العابد، رحاب اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمود علي عريقات، فهمي شراب، إسراء أبو رمان، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن عثمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صفاء العراقي، صالح النعامي ، علي الكاش، العادل السمعلي، حسن الطرابلسي، حاتم الصولي، منجي باكير، يزيد بن الحسين، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد العيادي، أحمد النعيمي، صباح الموسوي ، محرر "بوابتي"، سعود السبعاني، د - عادل رضا، رشيد السيد أحمد، د - صالح المازقي، فوزي مسعود ، سلوى المغربي، كريم السليتي، د - مصطفى فهمي، طلال قسومي، محمد أحمد عزوز، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- هاني ابوالفتوح، رافع القارصي، سامح لطف الله، سلام الشماع، د. مصطفى يوسف اللداوي، عراق المطيري، د - محمد بنيعيش، عبد الله زيدان، الهادي المثلوثي، مصطفى منيغ، أ.د. مصطفى رجب، د.محمد فتحي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- جابر قميحة، د. صلاح عودة الله ، فتحي الزغل، عمر غازي، محمود سلطان، حميدة الطيلوش، جاسم الرصيف،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة