يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في تاريخ الأمم أيام للأمجاد والعزة وأيام للخزي والعار. والأمة العربية والإسلامية تمر في هذه المرحلة بأسوأ أيام الخزي والعار في تاريخها، ذلك لأن أيام المشابهة حتى عهد قريب والتي كانت تحدث فيها مثل تلك المخازي والمجازر والخيانات والتواطؤ والتآمر كانت تتم بعيدا عن الأعين وأحيانا في الغرف المظلمة ولا يتم اكتشافها إلا بعد أيام أو أسابيع أو أشهر أو سنوات، لكن المؤامرات والقرارات والمبادرات المسمومة والمذابح والمجازر والجرائم ترتكب الآن تحت سمع العالم وبصره بالصوت والصورة عيانا بيانا دون مواربة أو التواء فلا أحد يروي عن أحد ولكن كل يقدم نفسه من خلال تصريحاته وصوره وقراراته ومبادراته.
فخلال القرون الماضية لم يكن أحد يعلم بتفاصيل الخيانات إلا بعد مرور الأيام والسنين حيث قام المؤرخون بجمع الروايات ومقارنتها من أفواه الرواة وشهود العيان. ولم تصلنا تفصيلات ذلك إلا عبر كتب التاريخ وما روي فيها.
ومن هذه الروايات ما حدث لأهل بغداد على يد التتار إلى اجتياح بغداد خضع له كثير من أمراء المسلمين وولاتهم وكانوا يتسابقون لتقديم فروض الطاعة والولاء تماما كما يحدث الآن منهم تجاه هولاكو البيت الأبيض، فيما أصر بعضهم على مواجهته آنذاك.
لكن حجم الخيانة كان أكبر حتى بلغ الأمر بكثير من أمراء المسلمين أن انضموا إلى هولاكو وأصبحوا مستشارين له وخونة لدينهم وأمتهم ومن أبرزهم حسام الدين الفلكي ونصير الدين الطوسي وابن العلقمي فكانوا يقدمون له النصائح والاستشارات التي تعينه على القضاء على دولة الخلافة واجتياح عاصمتها بغداد.
علاوة على ذلك فإن الخليفة الهزيل آنذاك كان قد أحاط نفسه بالرافضة والباطنية وأراذل الناس وأبعد خيار الناس وعلماء الأمة عنه بل واعتقل كثيرين منهم ووضعهم في السجون، فسهل هؤلاء الأراذل للتتار قتل العلماء والأمراء والحجاب وكانوا جواسيس التتار على المسلمين وعلى قصر الخلافة وما يدور فيه حتى أنهم نصحوا الخلفيفة بأن يترك قصره ويذهب ذليلا إلى خيمة هولاكو حيث طلب منه هولاكو أن يأمر أهل بغداد بإلقاء السلاح، فامتثل الخلفية الهزيل المنهزم وأمر أهل بغداد بإلقاء السلاح فألقوه فاستباح هولاكو بغداد ومارس وجنده كافة أشكال الجرائم من السلب والنهب وقتل النساء والأطفال والشيوخ حتى بلغ عدد الذين قتلوا على يد هولاكو وجنده خلال 40 يوما ألف ألف إنسان، كما تقول كتب التاريخ أي مليون مسلم حتى كانت الميازيب تجري بدماء الناس في الشوارع كما يقول ابن كثير في تاريخه.
بعد ذلك أخذ هولاكو خليفة جند هولاكو علي خزائن الذهب والمجوهرات والنفائس وبعدما حصلوا عليها قتلوا الخليفة الذليل رفسا بالأرجل والأحذية، ولم يترك التتار بعد ذلك قصرا ولا مسجدا ولا مكتبة ولا مدرسة ولا بيتا دون أن يخربوه أو يحرقوه أو يدمروه ــ تماما كما يحدث في غزة الآن ــ حتى انهم ملأوا نهر دجلة بالكتب المخطوطة التي كانت تشكل تراث الأمة وعلومها وجعلوها جسورا لخيلهم حتى يعبروا النهر.
هذا ما كان في أيام الخزي والعار في عام 655 هجرية الموافق 1258.
أما في أيام الخزي والعار التي نعيشها في محرم 1430 هجرية الموافق يناير 2009 ميلادية، فقبل ان يقوم اليهود بالهجوم على غزة قاموا بما قام به هولاكو، فقد دان لهم معظم أمراء وملوك ورؤساء المسلمين حتى أصبح كثير منهم من المستشارين لهم وقاموا بنفس الأدوار التي قام بها ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي وحسام الدين الفلكي وغيرهم تماما مثل الذين ساعدوا هولاكو والتتار على ما قاموا به في بغداد.
وكما شارك بعض أمراء المسلمين في حصار بغداد وتواطأوا مع هولاكو تماما فقد قام بعض رؤساء وملوك وأمراء المسلمين بالمشاركة في حصار غزة وأهلها منذ منتصف عام 2006، وحتى الهجوم الوحشي اليهودي عليها الذي بدأ نهاية عام 2008 ولا يعرف أحد متى سينتهي، ولم يمنعوا وصول الطعام والشراب عن أهل غزة فحسب وانما منعوا السلاح وأي شكل من أشكال المقاومة وكانوا ينتظرون سقوط غزة في أيدي اليهود في أقرب وقت حتى ان بعضهم حمل بشماتة أهل غزة مسؤولية ما يحدث لهم.
في أيام الخزي والعار التي نعيشها في شهر المحرم من عام 1430 هجرية الموافق شهر يناير من عام 2009 ميلادية بينما يقوم اليهود باستخدام كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا حيث يقومون بحرق الشجر والحجر وكافة مظاهر وأشكال الحياة في غزة يقوم زعماء اليهود بزيارة بعض العواصم العربية لأخذ المشورة والنصيحة من مستشاريهم ووزرائهم خلفاء ابن العلقمي وحسام الدين الفلكي ونصير الدين الطوسي حيث يشجعون هؤلاء اليهود على الاجهاز على كل ما في غزة تماما كما شجع نصير الدين الطوسي هولاكو على المضي في محاصرة بغداد بل وشارك في قيادة جانب من جيش هولاكو خلال حربه على بغداد وما قام به الطوسي لا يختلف كثيرا عما يقوم به بعض أتباعه الآن.
في أيام الخزي والعار التي نعيشها يظهر خلفاء ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي وهم يستقبلون اليهود بالأحضان والضحكات ويشاركونهم المؤتمرات والآراء ليس سرا وفي الخفاء وانما على شاشات التلفزة وعلى الهواء، بل ينوبون عنهم في طرح المبادرات وتقديم القرارات ويبررون لهم جرائمهم بل ويوصون الأعداء بسرعة الاجهاز على كل طفل وامرأة وشيخ وشاب وكل حجر وشجر ومدر في غزة ولا يبقوا من أهلها أحدا وان يسعوا للانتهاء من مهمتهم في أقرب وقت.
في أيام الخزي والعار التي نعيشها يمنع احفاد ابن العلقمي الطعام والشراب والماء والدواء والأطباء وكافة اشكال المساعدة والانقاذ عن مسلمي غزة ويعرقلون وصولها لهم، ويسخرون قوات أمنهم حتى لمنع عموم الناس من التظاهر أو الاعتراض على ما يقومون به وبدلا من توجيه الجيوش الى الأعداء يوجهونها الى شعوبهم.
في أيام الخزي والعار التي نعيشها حمل أب فلسطيني أطفاله الخمسة وقد قتلوا جميعا على يد الصهاينة وعرض أجسادهم أمام شاشات التلفزة ورصاصات اليهود تمزق براءتها ليرى العالم حجم الجريمة والتواطؤ بين اليهود واحفاد ابن العلقمي وينعي للامة زمن المعتصم ونخوته.
وفي ايام الخزي والعار بقيت مئات العائلات الفلسطينية تحت نيران الصهاينة لا يجدون ماء الشرب ولا الطعام وعاجزين عن مداواة جرحاهم او دفن موتاهم حتى ان بعض الاطفال الرضع ظلوا حسب تقارير الامم المتحدة اربعة ايام بين جثث امهاتهم وتوفي بعضهم حينما نجح بعض المسعفين في الوصول اليهم.
وفي ايام الخزي والعار جمع اليهود اكثر من 110 فلسطينيين في الخامس من يناير 2009 في بناية واحدة ثم قاموا بقصفها على رؤوس من فيها من نساء واطفال وشيوخ فقتلوا وجرحوا معظم من فيها بينما يمنع احفاد ابن العلقمي وصول اية اسعافات الى المصابين وفي ايام الخزي والعار قصف مدارس الاونروا التي كان يحتمي فيها الاطفال والنساء ولم يعد اهل غزة يجدون مكانا آمنا يلجأون اليه.
في ايام الخزي والعار وصل القتلى من ابناء المسلمين في غزة وجرحاهم خلال اسبوعين الى ما يقرب من خمسة آلاف غير الجثث التي مازالت تحت الانقاض والجرحى الذين ينازعون الموت بعيدا عن ايدي المسعفين او اماكن الحياة او الجوعى الذين يصارعون الموت جوعا وعطشا على اطراف غزة او الاسرى الذين تم قتلهم بعد اسرهم ودفنهم في حفر او الذين اختطفوا من بيوتهم أو حقولهم بينما يشارك احفاد ابن العلقمي اليهود والبريطانيين والفرنسيين والاميركيين البحث عن مخرج مشرف لليهود بدلا من محاولات انقاذ ابناء المسلمين بعدما صمد احفاد القسام امام اشرس الهجمات من الجو والبحر والارض بكافة انواع الاسلحة.
في ايام الخزي والعار اعلنت وزيرة الخارجية اليهودية تسيبي ليفني الحرب على غزة من قلب القاهرة بعد لقائها بالرئيس المصري وفي حضور وزير خارجيته واعلن الرئيس الفرنسي مبادرته التي تقوم على امن اسرائيل اولا وبجواره الرئيس المصري بل ومشاركته في المبادرة الفرنسية التي تقوم على امن اسرائيل اولا.
وفي ايام الخزي والعار انتقت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية في نيويورك من تشاء من الوزراء العرب وتركت من تشاء دون اعتراض اي منهم وفي ايام الخزي والعار قامت بريطانيا التي زرعت اسرائيل في قلب العالم العربي بتقديم مبادرة لمجلس الامن صادق عليها العرب تقوم على انقاذ اسرائيل من الهزيمة وتأمين حدودها وجيشها بينما يتم سجن مليون ونصف المليون مسلم في غزة في سجن مدى الحياة ومنع كل اسباب الدفاع عن انفسهم عنهم.
حينما روي ابن الاثير صاحب كتاب «الكامل في التاريخ» جانبا من ايام الخزي والعار ومما وقع من خيانات ومؤامرات وتحالفات ومبادرات في صفوف الامراء والزعماء والمستشارين والوزراء من المسلمين الذين تواطأوا مع هولاكو حتى استباح بغداد واهلها في 1258 ميلادية قال في نهاية روايته «لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها كارها لذكرها فمن الذي يهون عليه ان يكتب نعي الاسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك فياليت امي لم تلدني وياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا».
هذا ما ذكره ابن الاثير في روايته لايام الخزي والعار بعد سقوط بغداد لكننا لن نكرر ما قاله ابن الاثير ولكننا نقول «اللهم اخز اليهود المجرمين واعوانهم وازلامهم من احفاد ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي وبدل ايام الخزي والعار التي تعيشها الامة بأيام عز ومجد ونصر، واجعل دماء الشهداء في غزة من اطفالها ونسائها ورجالها وابطالها لعنة على اليهود واحفاد ابن العلقمي واكتب لهذه الامة ا مر رشد وارسل لها قائدا تبدل على يديه ذلها عزا وعارها مجداً وهزيمتها نصرا. ويقولون متى هو «قل عسى ان يكون قريبا».
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: