البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المبادرة المصرية .. الواقعية المرفوضة

كاتب المقال د. نانسي أبو الفتوح   
 المشاهدات: 7197



الهجوم الشديد ومتعدد المستويات، الذي شنته جماهير الأمة العربية والإسلامية على الموقف المصري الرسمي تجاه أحداث غزة، والذي ظهر من خلال المظاهرات التي عمت العالم العربي والإسلامي بل والعالم كله، والتي أعلنت استياءها من إغلاق مصر لمعبر رفح وعدم سماحها بدخول الإمدادات الغذائية والطبية لقطاع غزة، هذا الهجوم لم يكن هجومًا مخططًا له ضد مصر كما يقول النظام ولم يكن مؤامرة، بل كان رد فعل شعبي منطقي تجاه موقف مصر الرسمي المنسق مع اليهود والأمريكان والكاره لحماس والراغب في إسقاطها.

هذا الهجوم الشعبي أيده الغالبية العظمى للخبراء العسكريين وخبراء القانون الدولي والسياسيون، فهؤلاء جميعًا، من أرضية التخصص والخبرة، استهجنوا وأدانوا الموقف المصري لأنه يستحق الإدانة لافتقاده الأسس المنطقية والأخلاقية.
ما نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مؤخرًا وقالت فيه إن الرئيس حسني مبارك قال خلال لقاء مغلق مع وفد "الترويكا" الأوروبي بشرم الشيخ برئاسة وزير خارجية التشيك كاريل شوترزنبرج، الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي في دورته الحالية: إنه لا ينبغي السماح لـحماس بكسب الحرب الدائرة بينها وبين إسرائيل، ويجب ألا تخرج من هذه الحرب وهي صاحبة اليد العليا.
هذا الذي نشرته الصحيفة الإسرائيلية والذي لم ينفه الرئيس مبارك، يؤكد أن ما قاله جماهير الأمة في مظاهراتهم، وما قاله الخبراء والمختصون عن الموقف المصري لم يكن تجنيًا عليه، وإنما هو حق.

المبادرة التي أعلنت عنها مصر لوقف إطلاق النار، تؤكد من منظور آخر هذه الاتهامات التي تطال صانعي القرار المصريين، فهي توفر الغطاء السياسي للموقفين الأمريكي والإسرائيلي، وتغطي أيضًا الموقف العسكري الصهيوني.
المبادرة المصرية واضح أنها جاءت بإيحاءات أمريكية وإسرائيلية، ولذلك رحيب ها الطرفان وقبلاها وأيداها.

المبادرة جاءت لإعطاء الضوء الأخضر للعدو الصهيوني لتكثيف الغارات الجوية على الحدود المصرية الفلسطينية (محور صلاح الدين) لفرض واقع على الأرض يُحْكم السيطرة الإسرائيلية على طول هذه الحدود، حتى لو حدثت تهدئة واتفاق يكون هناك واقعًا جديدًا.

المبادرة المصرية تمت دون أي تنسيق مع حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى في القطاع، فهي أعلنت وكان وفد حماس مازال يجري المباحثات مع رئيس المخابرات عمر سليمان. هذا عيب خطير في المبادرة لأنها راعت وجهات النظر الأمريكية والإسرائيلية ولم تلتفت إلى مطالب حماس.

المبادرة المصرية، بالتعاون مع أمريكا وإسرائيل، أرادت أن تلتف حول الصمود الفلسطيني والانتصار الميداني الذي حققته حماس على الأرض والذي استمر لاثني عشر يومًا أحرج خلالها إسرائيل وحلفاءها في الغرب، وحشد الرأي العام العالمي في معظمه ضدهم، وفضح كل الادعاءات الكاذبة حول الديمقراطية الغربية، ومبادئ حقوق الإنسان، وهم يرون صور الأطفال القتلى وصور المدارس المدمرة وصور العائلات التي أبيدت بالكامل، المبادرة إذًا تقدم طوق نجاة لإنقاذ إسرائيل من مأزقها العسكري والسياسي والإعلامي.

الموقف الرسمي المصري استحق كل هذا النقد، وكانت المكالمة الهاتفية من الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن مهنئا بمواقفه المتميزة والمقدرة تجاه العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة، كانت هذه المكالمة وهذا الشكر وهذا الإعجاب دليل إدانة جديد، لأنها جاءت من عدو الأمة الأول الذي دمر العراق وأفغانستان والذي دعم مشروع شارون الصهيوني دعمًا غير مسبوق.

جاءت المبادرة المصرية لتمنع وتلتف حول منع انعقاد أية قمة عربي، لأن انعقادها سيوفر الدعم لأهل غزة وسيطالب بفتح المعبر، وهذا ما لا ترضاه مصر.

توقيت المبادرة المصرية يثير الشبهات، فقد جاءت بعد نجاح المقاومة في غزة في امتصاص حالة الصدمة الأولى، ثم ردها المذهل على العدوان البري ومنعه من الاختراق ونجاحها في إيقاع الخسائر به، وهذه كله التفاف على المقاومة وعلى جهد حماس.

توقيت المبادرة المصرية يثير الشبهات أيضًا، حيث أرادت أن تلتف على المبادرة التركية، التي جاءت بنكهة تركية، والتي تعرض شروطًا أفضل تحفظ مصالح المقاومة والشعب الفلسطيني.
أسوأ ما في المبادرة المصرية أنها تعرض وقف إطلاق النار وفق الشروط والرؤية والأهداف الإسرائيلية، على الرغم مما تحمله الصهاينة من خسائر، وهذا يعتبر في نفس الوقت التفافًا على نجاحات حماس، ورغبة في إزاحتها.
ثم إن لمصر هدف آخر، تلتقي فيه مع الرؤية الإسرائيلية، وهو إبعاد حماس عن أن تكون طرفًا في أية تسوية قادمة، وتسعى مصر ليكون صديقها محمود عباس هو الطرف الرئيسي في هذه التسوية المرتقبة.
وهكذا فإن الموقف المصري تعبير عن حالة العجز التي وصل إليها النظام العربي الرسميَّ، الذي فشل في إدارة الصراع مع عدونا الصهيوني، لأن مصر، منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، نجحت في أن تقود ما يسمى "محور الاعتدال" والذي ينطلق من تبعية للموقف الأمريكي الإسرائيلي، وشيئًا فشيئًا أصبح هذا المحور هو الأوسع والأكبر في العالم العربي، بينما أصبح محور "المقاومة" صغيرًا محدودًا.

وإذا كانت مصر كامب ديفيد قد أشاعت ثقافة التفاوض والاستسلام والتفريط، فإن انتصار المقاومة في غزة إنما هو تأسيس لثقافة جديدة وروح جديدة ستسري إن شاء الله في الأمة وهي ثقافة وروح المقاومة والمواجهة والاستشهاد.

المقاومة التي تقودها حماس في غزة أكدت أن رجال العقيدة الذين يحرصون على الموت كما يحرص غيرهم على الحياة، هم الأجدر بقيادة وإدارة الصراع مع عدو عقائدي، ينطلق من أسس توراتية، وأنه آن الأوان لتيار كامب ديفيد وتيار أوسلو أن يختفيا ويتواريا عن الأنظار.
لكن تياري كامب دافيد وأوسلو لن يختفيا بسهولة، فهما يحظيان بدعم هائل من أمريكا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي ومن النظام الرسمي العربي، لكننا نراهن على حركة الوعي واليقظة التي دبت في الأمة نتيجة أحداث غزة، ونأمل أن تكون هذه اليقظة وهذا الخروج الجماهيري للشارع هو أسلوبنا في فرض إرادة الأمة حتى يقودها تيار المقاومة والجهاد من أرضية الإسلام الحنيف.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، غزة، اسرائيل، خونة، حكام خونة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-01-2009   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- جابر قميحة، د - المنجي الكعبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، علي الكاش، أحمد النعيمي، محمد الياسين، فتحي الزغل، كريم السليتي، مصطفي زهران، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حميدة الطيلوش، سامح لطف الله، محرر "بوابتي"، د- هاني ابوالفتوح، سفيان عبد الكافي، د - محمد بنيعيش، صفاء العراقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، الهادي المثلوثي، عبد الله الفقير، إسراء أبو رمان، صلاح المختار، سلام الشماع، طلال قسومي، عبد الله زيدان، نادية سعد، تونسي، الناصر الرقيق، فهمي شراب، صلاح الحريري، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد أحمد عزوز، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عواطف منصور، أحمد بوادي، رافع القارصي، إيمى الأشقر، مصطفى منيغ، ياسين أحمد، منجي باكير، د - شاكر الحوكي ، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد الحباسي، أنس الشابي، د - عادل رضا، فتحي العابد، د. أحمد بشير، رشيد السيد أحمد، الهيثم زعفان، سعود السبعاني، المولدي الفرجاني، د - صالح المازقي، علي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، خالد الجاف ، مراد قميزة، حسن الطرابلسي، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العربي، أشرف إبراهيم حجاج، د. خالد الطراولي ، وائل بنجدو، رمضان حينوني، د. عبد الآله المالكي، د - محمد بن موسى الشريف ، عراق المطيري، د - الضاوي خوالدية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ماهر عدنان قنديل، عبد الغني مزوز، سليمان أحمد أبو ستة، عمار غيلوفي، عبد الرزاق قيراط ، محمود سلطان، د. عادل محمد عايش الأسطل، رافد العزاوي، كريم فارق، حسن عثمان، عمر غازي، يزيد بن الحسين، د- محمد رحال، فوزي مسعود ، أحمد ملحم، ضحى عبد الرحمن، عزيز العرباوي، سلوى المغربي، د- محمود علي عريقات، رضا الدبّابي، محمد شمام ، أ.د. مصطفى رجب، محمد عمر غرس الله، إياد محمود حسين ، سيد السباعي، صباح الموسوي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، مجدى داود، محمود طرشوبي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الطرابلسي، محمد العيادي، فتحـي قاره بيبـان، د. طارق عبد الحليم، جاسم الرصيف، صالح النعامي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، يحيي البوليني، محمد يحي، أبو سمية، العادل السمعلي، د - مصطفى فهمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة